998 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحَى، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرَحَى، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا، يَا رَسُولَ اللهِ، حَيْثُ شِئْتَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَخْ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الْأَقْرَبِينَ» فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا». وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) هو: ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن عبيد الله) بضم العين وفتح الموحدة، ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر (قال: حدّثني) بالإفراد (نافع عن عبد الله) ولأبي ذر، والأصيلي: عن عبد الله بن عمر، أي: ابن الخطاب رضي الله عنهما (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:). (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا). قيل: الحكمة فيه أن أول صلاة الليل المغرب، وهي وتر، وللابتداء والانتهاء اعتبار زائد على اعتبار الوسط، فلو أوتر ثم تهجد لم يعده، لحديث أبي داود والترمذي، وحسنه: "لا وتران في ليلة". وروي عن الصديق أنه قال: أما أنا فأنام على وتر، فإن استيقظت صليت شفعًا حتى الصباح لأن إعادته تصير الصلاة كلها شفعًا، فيبطل المقصود منه. وكان ابن عمر ينقض وتره بركعة، ثم يصلّي مثنى مثنى، ثم يوتر. والأمر ليس للوجوب بقرينة صلاة الليل، فإنها غير واجبة اتفاقًا. فكذا آخرها. وأما قوله في حديث أبي داود: "فمن لم يوتر فليس منا"، فمعناه: ليس آخذًا بسنتنا. 5 - باب الْوِتْرِ عَلَى الدَّابَّةِ (باب) صلاة (الوتر على الدابة) بعير وغيره. 999 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: "كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ ثُمَّ لَحِقْتُهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ: خَشِيتُ الصُّبْحَ فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ؟ فَقُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ. قَالَ: فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ". [الحديث 999 - أطرافه في: 1000، 1095، 1096، 1098، 1105]. وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب) ليس له في البخاري غير هذا الحديث الواحد، (عن سعيد بن يسار) بالمثناة التحتية والمهملة المخففة (أنه قال:). (كنت أسير مع عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (بطريق مكة، فقال سعيد: فلما خشيت الصبح) بكسر الشين المعجمة، أي: دخول وقت الصبح (نزلت) أي: عن مركوبي (فأوترت) على الأرض (ثم لحقته). (فقال) لي (عبد الله بن عمر: أين كنت؟ فقلت) له: (خشيت الصبح فنزلت فأوترت فقال عبد الله: أليس لك في رسول الله أسوة حسنة) بكسر الهمزة وضمها، أي: قدوة. (فقلت: بلى والله، قال: فإن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يوتر على البعير) وسيأتي إن شاء الله تعالى أن ابن عمر كان يصلّي من الليل على دابته وهو مسافر. فلو كان واجبًا لما جازت صلاته على الدابة، وأما ما رواه عبد الرزاق عن ابن عمر أيضًا أنه كان يوتر على راحلته، وربما نزل فأوتر بالأرض، فطلب الأفضل، لا أنه واجب. لكن، يُشْكِلُ على ما ذُكِرَ أن الوتر كان واجبًا على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكيف صلاه راكبًا؟. وأجيب: باحتمال الخصوصية أيضًا كخصوصية وجوبه عليه. وعورض بأنه أنه دعوى لا دليل عليها لأنه لم يثبت دليل وجوبه عليه حتى يحتاج إلى تكلف هذا الجواب. اهـ. أو يقال، كما في اللامع: إنه تشريع للأمة بما يليق بالسنة في حقهم، فصلاه على الراحلة لذلك، وهو في نفسه واجب عليه، فاحتمل الركوب فيه لمصلحة التشريع. ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة في الصلاة. 6 - باب الْوِتْرِ فِي السَّفَرِ (باب الوتر في السفر) كالحضر. 1000 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ الْفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ". وبالسند قال: (حدّثنا موسى بن إسماعبل) التبوذكي (قال: حدّثنا جويرية بن أسماء) بفتح الهمزة ممدودًا (عن نافع، عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (قال): (كان النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يصلّي في السفر على راحلته حيث توجهت به) فيصير صوب سفره قبلته حال كونه (يومئ إيماء) نصب على المصدرية (صلاة الليل) نصب على المفعولية ليصلّي، وفيه أن المراد بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144، و150]، الفرائض (إلا الفرائض)أي: لكن الفرائض فلم يكن يصلّيها على الراحلة، فالاستثناء منقطع لا متصل، لأن المراد خروج الفرائض من الحكم، ليلية أو نهارية، ولابن عساكر: إلا الفرض، بالإفراد (ويوتر) بعد فراغه من صلاة الليل (على راحلته). وفي الحديث ردّ على قول الضحاك: لا وتر على المسافر، وأما قول ابن عمر، المروي في مسلم وأبي داود. "لو كنت مسبحًا في السفر لأتممت". فإنما أراد به راتبة المكتوبة لا النافلة المقصودة: كالوتر، قاله في الفتح. ورواة هذا الحديث الأربعة ما بين: بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول. 7 - باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ (باب) مشروعية (القنوت) وهو: اللهم اهدني فيمن هديت. الخ ... (قبل الركوع وبعده) في جميع الصلوات الشاملة للوتر. وغيره. .