99 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ وَهُوَ ابْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ سَلَّ عَلَيْنَا السَّيْفَ فَلَيْسَ مِنَّا»

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ. أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ». [الحديث طرفه في: 6570]. وبالسند السابق إلى المؤلف قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى الأويسي المدني (قال: حدّثني) بالتوحيد (سليمان) بن بلال أبو محمد التيمي القرشي (عن عمرو بن أبي عمرو) بفتح العين فيهما مولى المطلب المدني، المتوفى في خلافة أبي جعفر المنصور سنة ست وثلاثين ومائة (عن سعيد بن أبي سعيد المقبري) بضم الموحدة وفتحها (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه (أنه) بفتح الهمزة (قال): (قيل يا رسول الله) ولغير أبي ذر وكريمة قال: يا رسول الله بإسقاط قيل كما في رواية الأصيلي والقابسي فيما قاله العيني وغيره وهو الصواب، ولعلها كانت قلت كما عند المؤلف في الرقاق فتصحفت بقيل لأن السائل هو أبو هريرة نفسه، فدل هذا على أن رواية أبي ذر وكريمة وهم (من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة) بنصب يوم على الظرفية ومن استفهامية مبتدأ خبره تاليه (قال رمول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): والله (لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني) بضم اللام وفتحها على حدّ قراءتي وحسبوا أن لا تكون بالرفع والنصب لوقوع أن بعد الظن واللام في لقد جواب القسم المحذوف كما قدّرته أو للتأكيد (عن هذا الحديث أحد) بالرفع فاعل يسألني (أوّل منك) برفع أوّل صفة لأحد أو بدل منه بالنصب، وهو الذي في فرع اليونينية كهي وصحح عليه وخرج على الظرفية. وقال عياض على المفعول الثاني لظننت. قال في المصابيح: ولا يظهر له وجه، وقال أبو البقاء: على الحال أي لا يسألني أحد سابقًا لك ولا يضرّ كونه نكرة لأنها في سياق النفي كقولهم: ما كان أحد مثلك (لما رأيت) أي الذي رأيته (من حرصك على الحديث) أو لرؤيتي بعض حرصك فمن بيانية على الأول وتبعيضية على الثاني (أسعد الناس) الطائع والعاصي (بشفاعتي يوم القيامة) أي في يوم القيامة (من قال) في موضع رفع خبر المبتدأ الذي هو أسعد، ومن موصولة أي الذي قال: (لا إله إلاّ الله) مع قوله محمد رسول الله حال كونه (خالصًا) من الشرك، زاد في رواية الكشميهني وأبي الوقت مخلصًا (من قلبه أو نفسه) شك من الراوي، وقد يكتفى بالنطق بأحد الجزأين من كلمتي الشهادة لأنه صار شعارًا لمجموعهما. فإن قلت: الإخلاص محله القلب فما فائدة قوله من قلبه؟ أجيب: بأن الإتيان به للتأكيد ولو صدق بقلبه ولم يتلفظ دخل في هذا الحكم لكنا لا نحكم عليه بالدخول إلا أن يتلفظ فهو للحكم باستحقاق الشفاعة لا لنفس الاستحقاق، واستشكل التعبير بالفعل التفضيل في قوله أسعد إذ مفهومه أن كلاًّ من الكافر الذي لم ينطق بالشهادة والمنافق الذي نطق بلسانه دون قلبه أن يكون سعيدًا. وأجيب: بأن أفعل هنا ليست على بابها، بل بمعنى سعيد الناس من نطق بالشهادتين أو تكون أفعل على بابها والتفضيل بحسب المراتب أي هو أسعد ممن لم يكن في هذه المرتبة من الإخلاص المؤكد البالغ غايته، والدليل على إرادة تأكيده ذكر القلب إذ الإخلاص محله القلب ففائدته التأكيد كما مرّ. وقال البدر الدماميني: حمله ابن بطال يعني قوله مخلصًا على الإخلاص العام الذي هو من لوازم التوحيد، ورده ابن المنير بأن هذا لا يخلو عنه مؤمن فتعطل صيغة أفعل وهو لم يسأله عمن يستأهل شفاعته، وإنما سأل عن أسعد الناس بها، فينبغي أن يحمل على إخلاص خاصّ مختص ببعض دون بعض ولا يخفى تفاوت رتبه، والحديث يأتي إن شاء الله تعالى في صفة الجنة والنار من كتاب الرقاق، والله أعلم. 34 - باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَذَهَابَ الْعُلَمَاءِ، وَلاَ يُقْبَلْ إِلاَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلْيُفْشُوا الْعِلْمَ. وَلْيَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ الْعِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا. حَدَّثَنَا الْعَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ بِذَلِكَ. يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى قَوْلِهِ "ذَهَابَ الْعُلَمَاءِ". هذا (باب) بالتنوين وفي فرع اليونينية بغير تنوين مضافًا لقوله: (كيف يقبض العلم) أي كيفية رفع العلم، وسقط لفظ باب للأصيلي: (وكتب) وفي رواية ابن عساكر قال: أي البخاري وكتب (عمر بن عبد العزيز) أحد الخلفاء الراشدين المهديين (إلى) نائبه في الإمرة والقضاء على المدينة (أبي بكر) بن محمد بن عمرو (بن حزم) بفتح المهملة وسكون الزاي الأنصاري المدني، المتوفى سنة اثنتين ومائة في خلافة هشام بن عبد الملك وهوابن أربع وثمانين سنة، ونسبه المؤلف إلى جد أبيه لشهرته به ولجده عمرو صحبة ولأبيه محمد رؤية (انظر ما كان) أي الجمع الذي تجده، وفي رواية الكشميهني انظر ما كان عندك أي في بلدك، فكان على الرواية الأولى تامة وعلى الثانية ناقصة وعندك الخبر (من حديث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأكتبه فإني خفت دروس العلم) بضم الدال (وذهاب العلماء) فإن في كتبه ضبطًا له وإبقاء، وقد كان الاعتماد إذ ذاك إنما هو على الحفظ فخاف عمر بن عبد العزيز في رأس المائة الأولى من ذهاب العلم بموت العلماء فأمر بذلك، (ولا يقبل) بضم المثناة التحتية وسكون اللام، وفي بعض النسخ بالرفع على أن لا نافية وفي فرع اليونينية كهي تقبل بفتح المثناة الفوقية على الخطاب مع الجزم (إلا حديث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وليفشوا العلم وليجلسوا) بضم المثناة التحتية في الأوّل من الإفشاء وفتحها في الثاني من الجلوس لا من الإجلاس مع سكون اللام وكسرها معًا فيهما. وفي رواية عن ابن عساكر: ولتفشوا ولتجلسوا بالمثناة الفوقية فيهما (حتى يعلم) بضم المثناة التحتية وتشديد اللام المفتوحة وللكشميهني يعلم بفتحها وتخفيف اللام مع تسكين العين من العلم (من لا يعلم فإن العلم لا يهلك) بفتح أوّله وكسر ثالثه كضرب يضرب وقد تفتح (حتى يكون سرًّا) أي خفية كاتخاذه في الدار المحجورة التي لا يتأتى فيها نشر العلم بخلاف المساجد والجوامع والمدارس ونحوها، وقد وقع هذا التعليق موصولاً عقبه في غير رواية الكشميهني وكريمة وابن عساكر ولفظه: حدّثنا. وفي رواية الأصيلي قال أبو عبد الله أي البخاري: (حدّثنا العلاء بن عبد الجبار) أبو الحسن البصري العطار الأنصاري الثقة، المتوفى سنة اثنتي عشرة ومائتين (قال: حدّثنا عبد العزيز بن مسلم) القسملي، المتوفى سنة سبع وستين ومائة (عن عبد الله بن دينار) القرشي المدني مولى ابن عمر رضي الله عنهما (بذلك يعني حديث عمر بن عبد العزيز إلى قوله ذهاب العلماء) قال الحافظ ابن حجر: محتمل لأن يكون ما بعده ليس من كلام عمر أو من كلامه ولم يدخل في هذه الرواية والأوّل أظهر، وبه صرّح أبو نعيم في المستخرج ولم أجده في مواضع كثيرة إلا كذلك، وعلى هذا فبقيته من كلام المصنف أورده تلو كلام عمر، ثم بيّن أن ذلك غاية ما انتهى إليه كلام عمر انتهى. .