946 - وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمَرِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ، فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ، الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ»

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ: حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الأَحْزَابِ: لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ. فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمُ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرَدْ مِنَّا ذَلِكَ. فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. [الحديث طرفه في: 4119]. وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد بن أسماء) بالفتح غير منصرف، ابن عبيد بن مخراق الضبعي البصري (قال: حدّثنا جويرية) تصغير جارية بن أسماء، وهو عمّ عبد الله الراوي عنه (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) بن الخطاب، رضي الله عنهما، (قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنا، لما رجع من الأحزاب). غزوة الخندق سنة أربع إلى المدينة، ووضع المسلمون السلاح، وقال له جبريل، عليه الصلاة والسلام، ما وضعت الملائكة السلاح بعد، وإن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة فإني عائد إليهم. فقال عليه الصلاة والسلام لأصحابه: (لا يصلّين) بنون التوكيد الثقيلة (أحد) منكم (العصر إلا في بني قريظة) بضم القاف وفتح الراء والظاء المعجمة، فرقة من اليهود. (فأدرك بعضهم العصر في الطريق) بنصب بعضهم ورفع تاليه، مفعول وفاعل، مثل قوله: {وإن يدركني يومك} والضمير في بعضهم: لأحد. (فقال) وللأربعة: وقال (بعضهم)، الضمير فيه كالآتي لنفس بعض الأوّل: (لا نصلي حتى نأتيها) عملاً بظاهر قوله: "لا يصلّين أحد"، لأن النزول معصية للأمر الخاص بالإسراع، فخصّوا عموم الأمر بالصلاة أوّل وقتها بما إذا لم يكن عذر، بدليل أمرهم بذلك. (وقال بعضهم: بل نصلي) نظرًا إلى المعنى لا إلى ظاهر اللفظ، (لم يرد منا ذلك) ببناء يرد للمفعول، كما ضبطه العيني والبرماوي، والبناء للفاعل كما ضبطه في المصابيح، والخفضة مكشوطة في الفرع، فعريت الراء فيه عن الضبط، ولم يضبطها في اليونينية. والمعنى: أن المراد من قوله: "لا يصلين أحد" لازمه وهو الاستعجال في الذهاب لبني قريظة، لا حقيقة ترك الصلاة، كأنه قال: صلوا في بني قريظة، إلاّ أن يدرككم وقتها قبل أن تصلوا إليها. فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الإسراع. فصلوا ركبانًا لأنهم لو نزلوا للصلاة لكان فيه مضادة للأمر بالإسراع، وصلاة الراكب مقتضية للإيماء، فطابق الحديث الترجمة. لكن عورض بأنهم: لو تركوا الركوع والسجود لخالفوا قوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77] وأجيب: بأنه عامّ خصّ بدليل، كما أن الأمر بتأخير الصلاة إلى إتيان بني قريظة خصّ بما إذا لم يخش الفوات. والقول: بأنهم صلوا ركبانًا لابن المنير، قال في الفتح: وفيه نظر، لأنه لم يصرّح لهم بترك النزول، فلعلهم فهموا أن المراد بأمرهم: أن لا يصلوا العصر إلا فى بني قريظة، المبالغة في الأمر بالإسراع، فبادروا إلى امتثال أمره، وخصّوا وقت الصلاة من ذلك لماّ تقرّر عندهم من تأكيد أمرها، فلا يمتنع أن ينزلوا فيصلوا، ولا يكون في ذلك مضادّة لما أمروا به ودعوى أنهم: صلوا ركبانًا، تحتاج إلى دليل، ولم أره صريحًا في شيء من طرق هذه القصة. (فذكر ذلك للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلم يعنف واحدًا) ولأبوي ذر، والوقتعن الحموي والكشميهني والمستملي: أحدًا (منهم)، لا التاركين لأول الوقت عملاً بظاهر النهي، ولا الذين فهموا أنه كناية عن العجلة. قال النووي، رحمه الله: لا احتجاج به على إصابة كل مجتهد، لأنه لم يصرّح بإصابتهما، بل ترك التعنيف، ولا خلاف أن المجتهد لا يعنف ولو أخطأ إذا بذل وسعه، قال: وأما اختلافهم فسببه تعارض الأدلة عندهم، فالصلاة مأمور بها في الوقت، والمفهوم من: "لا يصلّين" المبادرة، فأخذ بذلك من صلّى لخوف فوات الوقت، والآخرون أخّروها عملاً بالأمر بالمبادرة لبني قريظة. اهـ. واستشكل قوله هنا: العصر، مع ما في مسلم: الظهر. وأجيب: بأن ذلك كان بعد دخول وقت الظهر، فقيل لمن صلاّها بالمدينة: لا تصلّ العصر إلاّ في بني قريظة، ولمن لم يصلها: لا تصلِّ الظهر إلا فيهم. ويأتي مزيد لذلك، إن شاء الله تعالى في المغازي، بعون الله تعالى. ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه مسلم، كالبخاري في المغازي. 6 - باب التَّبْكِيرِ وَالْغَلَسِ بِالصُّبْحِ، وَالصَّلاَةِ عِنْدَ الإِغَارَةِ وَالْحَرْبِ (باب التبكير). بالموحدة قبل الكاف وبعد المثناة. كذا في رواية أبي ذر، عن الكشميهني، من: بكر، إذا أسرع وبادر، ولأبي ذر أيضًا، والأصيلي وأبي الوقت، عن الحموي، والمستملي: التكبير، بالموحدة بعد الكاف، أي قول: الله أكبر (والغلس) بفتح الغين المعجمة واللام، الظلمة آخر الليل، أي: التغليس (بالصبح والصلاة) والتكبير (عند الإغارة) بكسر الهمزة، أي الهجوم على العدوّ غفلة (و) عند (الحرب). .