931 - وحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ خَلَفٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ: الْمَيِّتُ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: رَحِمَ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ شَيْئًا فَلَمْ يَحْفَظْهُ، إِنَّمَا مَرَّتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَنَازَةُ يَهُودِيٍّ، وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «أَنْتُمْ تَبْكُونَ، وَإِنَّهُ لَيُعَذَّبُ»
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرًا قَالَ: "دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فَقَالَ: أَصَلَّيْتَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ". وبالسند قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني (قال: حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عمرو) هو: ابن دينار، أنه (سمع جابرًا) هو ابن عبد الله الأنصاري (قال دخل رجل يوم الجمعة والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب، فقال) له: (أصليت)؟ بهمزة الاستفهام ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر، عن الحموي والكشميهني، فقال: صليت؟ (قال: لا. قال): (فصلِّ). ولأبي ذر: ثم فصلِّ (ركعتين). مطابقته للترجمة ظاهرة، لكن ليس فيه التقييد بكونهما خفيفتين. نعم، جرى البخاري على عادته في الإشارة إلى بعض طرق الحديث فقد أخرجه في السُّنن من طريق أبي قرة، عن الثوري، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، بلفظ: "قم فاركع ركعتين خفيفتين". وعند مسلف "فيتجوّز فيهما"، كما مر. تنبيه: لو جاء في آخر الخطبة فلا يصلّي لئلا يفوته أوّل الجمعة مع الإمام. قال في المجموع: وهذا محمول على تفصيل ذكره المحققون من أنه إن غلب على ظنه أنه إن صلاها فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام، لم يصلِّ التحية، بل يقف حتى تُقام الصلاة، ولا يقعد لئلا يكون جالسًا في المسجد قبل التحية. قال ابن الرفعة: ولو صلاّها في هذه الحالة استحب للإمام أن يزيد في كلام الخطبة بقدر ما يكملها، فإن لم يفعل الإمام ذلك، قال في الأم: كرهته له، فإن صلاها وقد أقيمت الصلاة، كرهت ذلك له. اهـ. 34 - باب رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ. (باب رفع اليدين في الخطبة). 932 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ يُونُسَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "بَيْنَمَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَ الْكُرَاعُ وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا. فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا". [الحديث 932 - أطرافه في: 933، 1013، 1014، 1015، 1016، 1017، 1018، 1019، 1021، 1029، 1033، 3582، 6093، 6342]. وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد (قال: حدّثنا حماد بن زيد) بن درهم البصري (عن عبد العزيز) ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي زيادة: ابن صهيب (عن أنس، وعن يونس) بن عبيد، عطف على الإسناد المذكور، أي: وحدّثنا مسدّد أيضًا عن حماد بن زيد، عن يونس، وقد أخرجه أبو داود عن مسدّد أيضًا بالإسنادين معًا (عن ثابت، عن أنس) هو ابن مالك، (قال: بينما النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب يوم الجمعة) ولأبوي ذر والوقت، والأصيلي، يوم جمعة (إذ قام رجل، فقال: يا رسول الله! هلك الكراع) بضم الكاف اسم لما يجمع من الخيل، (وهلك الشاء) بالواو في أوّله، أي: الغنم، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر، هلك الشاء (فادع الله) لنا (أن يسقينا). (فمدَّ) عليه الصلاة والسلام (يديه) بالتثنية، ولأبي ذر، فمدّ يده (ودعا) في الحديث الذي بعده، فرفع يديه، وهو موافق للترجمة، والظاهر أنه أراد أن يبين أن المراد بالرفع هنا المدّ، لا كالرفع الذي في الصلاة. 35 - باب الاِسْتِسْقَاءِ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (باب الاستسقاء) وهو طلب السقيا، بضم السين، أي: المطر (في الخطبة يوم الجمعة). 933 - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ قَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْمَالُ، وَجَاعَ الْعِيَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ -وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً- فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا وَضَعَهَا حَتَّى ثَارَ السَّحَابُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ، وَمِنَ الْغَدِ، وَبَعْدَ الْغَدِ، وَالَّذِي يَلِيهِ حَتَّى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى. وَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِيُّ -أَوْ قَالَ غَيْرُهُ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ، وَغَرِقَ الْمَالُ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا. فَمَا يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّحَابِ إِلاَّ انْفَرَجَتْ، وَصَارَتِ الْمَدِينَةُ مِثْلَ الْجَوْبَةِ. وَسَالَ الْوَادِي قَنَاةُ شَهْرًا، وَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ". وبالسند قال (حدّثنا إبراهيم بن المنذر) بن عبد الله بن المنذر الحزامي، بالزاي، الأسدي (قال: حدّثنا أبو الوليد) ولأبي ذر، والأصيلي، الوليد بن مسلم، أي، القرشي الدمشقي (قال: حدّثنا أبو عمرو) بفتح العين، عبد الرحمن، ولأبي ذر، والأصيلي: أبو عمرو الأوزاعي، نسبة إلى الأوزاع، قبائل شتى، أو بطن من ذي الكلاع من اليمن، أو الأوزاعقرية بدمشق (قال: حدّثني) بالإفراد (إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (قال: أصابت الناس سنة) بفتح السين المهملة، أي: شدة وجهد من الجدوبة، (على عهد النبي) أي: زمنه، ولابن عساكر: على عهد رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فبينما النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب في يوم جمعة، قام أعرابي) من سكان البادية، لا يعرف اسمه (فقال: يا رسول الله! هلك المال) الحيوانات، لفقد ما ترعاه (وجاع العيال) لعدم وجود ما يعيشون به من الأقوات المفقودة بحبس المطر (فادع الله لنا) أن يسقينا. (فرفع) عليه الصلاة والسلام (يديه -وما نرى في السماء قزعة-) بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحات، قطعة من سحاب، أو رقيقه الذي إذا مرّ تحت السحاب الكثيرة كان كأنه ظل. قال أنس: (فوالذي نفسي بيده، ما وضعها) أي: يده، ولأبي ذر، والأصيلي، عن الكشميهني: ما وضعهما، أي: يديه (حتى ثار السحاب) بالمثلثة، أي: هاج وانتشر (أمثال الجبال) من كثرته، (ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر) ينحدر، أي: ينزل ويقطر (على لحيته) الشريفة (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فمطرنا) بضم الميم وكسر الطاء، أي: حصل لنا المطر (يومنا) نصب على الظرفية، أي: في يومنا (ذلك، ومن الغد) حرف الجر إما بمعنى في، أو للتبعيض، (وبعد الغد) ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: ومن بعد الغد (والذي يليه، حتى الجمعة الأخرى) بالجر في الفرع وأصله، على أن حتى: جارة، ويجوز النصب، عطفًا على سابقه المنصوب، والرفع، على أن مدخولها مبتدأ خبره محذوف. (وقام) بالواو، ولأبي ذر، والأصيلي، وابن عساكر: فقام (ذلك الأعرابي -أو قال) قام (غيره- فقال: يا رسول الله! تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا). (فرفع) عليه الصلاة والسلام (يده فقال): (اللهمَّ) ولأبي ذر، وابن عساكر: فرفع يديه: اللهم (حوالينا) بفتح اللام أي: أنزل أو أمطر حوالينا (ولا) تنزله (علينا) أراد به الأبنية. (فما يشير) عليه الصلاة والسلام (بيده) الشريفة (إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت) إلا انكشفت، أو تدوّرت كما يدوّر جيب القميص. (وصارت المدينة مثل الجوبة) بفتح الجيم وسكون الواو وفتح الموحدة، الفرجة المستديرة في السحاب أي: خرجنا والغيم والسحاب محيطان بأكناف المدينة. (وسال الوادي قناة) بقاف مفتوحة فنون مخففة فألف فهاء تأنيث، مرفوع على البدل، من الوادي غير منصرف للتأنيث والعلمية، إذ هو اسم لوادٍ معين من أودية المدينة، أي: جرى فيه المطر (شهرًا. ولم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود) بفتح الجيم، أي: بالمطر الغزير. ورواة الحديث ما بين: مدني ودمشقي، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وشيخه من أفراده، وأخرجه أيضًا في الاستسقاء والاستئذان، ومسلم والنسائي في الصلاة. 36 - باب الإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَا. وَقَالَ سَلْمَانُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يُنْصِتُ إِذَا تَكَلَّمَ الإِمَامُ. (باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب). (وإذا قال) الرجل (لصاحبه) إذا سمعه يتكلم (أنصت) أمر من أنصت ينصت إنصاتًا، أي: اسكت (فقد لغا). قال: اللغو، وهو الكلام الذي لا أصل له، من الأباطيل أو غير ذلك، مما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقوله: إذا قال ... إلخ، من بقية الترجمة، وهو لفظ حديث الباب في بعض طرقه عند النسائي. (وقال سلمان) مما وصله مطوّلاً في باب الدهن للجمعة، فيما سبق (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ينصت) بضم أوّله على الأفصح، مضارع: أنصت، للأصيلي: وينصت، بالواو، أي: يسكت (إذا تكلم الامام). .