88 - وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَبَائِرِ، قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَقَوْلُ الزُّورِ»

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قال: أخبرنا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأَبِي إِهَابِ بْنِ عَزِيزٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ وَالَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا. فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، وَلاَ أَخْبَرْتِنِي. فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ؟ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ. [الحديث أطرافه في: 2052، 2640، 2659، 2660، 5104]. وبالسند السابق قال: (حدّثنا محمد بن مقاتل) المروزي، وفي رواية غير الأصيلي ابن مقاتل أبو الحسن (قال: أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي (قال أخبرنا عمر بن سعيد) بضم العين في الأولى وكسرها في الثانية (عن أبي حسين) بضم الحاء وفتح السين مصغرًا النوفلي المكي (قال: حدّثني) بالإفراد (عبد الله) بفتح العين وسكون الموحدة (ابن أبي مليكة) بضم الميم زهير التيمي القرشي الأحول ونسبه لجده أبي مليكة لشهرته وإلاّ فأبوه عبيد الله بضم العين (عن عقبة) بضم العين وسكون القاف وفتح الباء الموحدة (ابن الحرث) بن عامر القرشي المكي أبو سروعة بكسر السين المهملة وقد تفتح أسلم يوم الفتح، وعند المؤلف في النكاح في باب شهادة المرضعة أنّ ابن أبي مليكة قال: حدّثنا عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحرث قال: وسمعته من عقبة لكني لحديث عبيد أحفظ فصرّح بسماعه من عقبة، فانتفى قول أبي عمران ابن أبي مليكة لم يسمع من عقبة بينهما عبيد بن أبي مريم فإسناده منقطع. (أنه) أي عقبة بن الحرث (تزوّج ابنة) وللأصيلي بنتًا (لأبي إهاب بن عزيز) بكسر الهمزة وفتح العين المهملة وكسر الزاي وسكون المثناة التحتية لا بضم العين وفتح الزاي ابن قيس بن سويد التميمي الدارمي، واسم ابنته غنية بفتح المعجمة وكسر النون وتشديد المثناة التحتية وكنيتها أمُ يحيى، (فأتته امرأة) قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسمها (فقالت: إني قد أرضعت عقبة) بن الحرث (والتي تزوّج بها) أي غنية، وفي رواية الأربعة بحذف بها (فقال لها عقبة: ما أعلم أنك) بكسر الكاف (أرضعتني) وفي رواية ابن عساكر وأبي الوقت أرضعتيني بزيادة مثناة تحتية قبل النون (ولا أخبرتني) ولابن عساكر ولا أخبرتيني بزيادة مثناة تحتية بعد الفوقية تولدت من إشباع الكسرة فيهما، وعبر بأعلم مضارعًا وأخبرت ماضيًا لأن نفي العلم حاصل في الحال بخلاف نفي الأخبار فإنه كان في الماضي فقط، (فركب) عقبة (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه (بالمدينة) أي فيها (فسأله) أي سأل عقبة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الحكم في المسألة النازلة به (فقال) وفي رواية الأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر قال (رسول الله) وفي رواية أبي ذر قال النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كيف) تباشرها وتفضي إليها (وقد قيل) إنك أخوها من الرضاعة أي ذلك بعيد من ذي المروءة والورع (ففارقها عقبة) بن الحرث رضي الله عنه صورة أو طلقها احتياطًا وورعًا لا حكمًا بثبوت الرضاع وفساد النكاح إذ ليس قول المرأة الواحدة شهادة يجوز بها الحكم في أصل من الأصول. نعم عمل بظاهر هذا الحديث أحمد رحمه الله تعالى فقال: الرضاع يثبت بشهادة المرضعة وحدها بيمينها، (ونكحت) غنية بعد فراق عقبة (زوجًا غيره) هو ظريب بضم المعجمة وفتح الراء آخره موحدة ابن الحرث وتأتي بقية مباحث هذا الحديث -إن شاء الله تعالى- والله أسال العافية والسلامة في السفر والإقامة. 27 - باب التَّنَاوُبِ فِي الْعِلْمِ هذا (باب التناوب) بالخفض على الإضافة (في العلم) أي بأن يأخذ هذا مرة ويذكره لهذا والآخر مرة ويذكره له وسقط لفظ باب للأصيلي. 89 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قال: أخبرنا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. ح. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ -وَهْيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ- وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْوَحْيِ وَغَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ .... فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ؟ قَالَتْ لاَ أَدْرِي. ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: لاَ. فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ. [الحديث 89 - أطرافه في: 2468، 4913، 4914، 4915، 5191، 5218، 5843، 7256، 7263]. وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) أي ابن أبي حمزة بالمهملة والزاي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (ح) للتحويل (قال أبو عبد الله) أي البخاري وهو ساقط في رواية الأصيلي، وأبي الوقت وابن عساكر. (وقال ابن وهب) عبد الله المصري فيما وصله ابن حبّان في صحيحه عن ابن قتيبة عن حرملة عن عبد الله بن وهب، (أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي، (عن ابن شهاب) هو الزهري المذكور في الموصوف فغاير بين اللفظين تنبيهًاعلى قوّة محافظته على ما سمعه من شيوخه (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بفتحها (ابن أبي ثور) بالمثلثة القرشي النوفلي التابعي (عن عبد الله بن عباس عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه أنه (قال): (كنت أنا وجار لي) بالرفع عطفًا على الضمير المنفصل المرفوع وهو أنا وإنما أظهره لصحة العطف لئلا يلزم عطف الاسم على الفعل وهو جائز عند الكوفيين من غير إعادة الضمير، ويجوز النصب على معنى المعية، واسم الجار عتبان بن مالك بن عمرو بن العجلان الأنصاري الخزرجي كما أفاده الشيخ قطب الدين القسطلاني فيما ذكره الحافظ ابن حجر ولم يذكر غيره وعند أبن بشكوال، وذكره البرماوي أنه أوس بن خولي، وعلل بأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخى بينه وبين عمر لكن لا يلزم من المؤاخاة الجوار (من الأنصار) الكائنين أو المستقرين أو النازلين (في) موضع أو قبيلة (بني) وفي رواية من بني (أمية بن زيد وهي) أي القبيلة، وفي رواية ابن عساكر وهو أي الموضع (من عوالي المدينة) قرى شرقيّ المدينة بين أقربها وبينها ثلاثة أميال أو أربعة وأبعدها ثمانية (وكنا نتناوب النزول) بالنصب على المفعولية (على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينزل) جاري الأنصاري (يومًا) بالنصب على الظرفية من العوالي إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لتعلم العلم (وأنزل يومًا) كذلك (فإذا نزلت) أنا (جئته) جواب فإذا لما فيها من معنى الشرط (بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل) جاري (فعل) معي (مثل ذلك فنزل صاحبي الأنصاري) بالرفع صفة لصاحبي (يوم نوبته) أي يومًا من أيام نوبته، فسمع أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اعتزل زوجاته فرجع إلى العوالي فجاء (فضرب بابي ضربًا شديدًا فقال أثم هو) بفتح المثلثة وتشديد الميم اسم يشار به إلى المكان البعيد (ففزعت) بكسر الزاي أي خفت لأجل الضرب الشديد فإنه كان على خلاف العادة فالفاء تعليلية، وللمؤلف في التفسير -كما سيأتي إن شاء الله تعالى- قال عمر رضي الله عنه: كنا نتخوّف ملكًا من ملوك غسان ذكر لنا أنه يريد أن يسير إلينا وقد امتلأت صدورنا منه فتوهمت لعله جاء إلى المدينة فخفته لذلك (فخرجت إليه، فقال: قد حدث أمر عظيم) طلَّق رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نساءه. قلت: قد كنت أظن أنّ هذا كائن حتى إذا صليت الصبح شددت عليَّ ثيابي ثم نزلت (فدخلت على حفصة) أم المؤمنين، فالداخل عليها أبوها عمر لا الأنصاري وقضية حذف طلق إلى قوله فدخلت يوهم أنه من قول الأنصاري، فالفاء في فدخلت فصيحة تفصح عن المقدر أي نزلت من العوالي فجئت إلى المدينة فدخلت، وفي رواية الحموي والمستملي دخلت، وللأصيلي قال فدخلت على حفصة، (فإذا هي تبكي فقلت: طلقكن) وفي رواية لابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني أطلقكن (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قالت) حفصة: (لا أدري) أي لا أعلم أنه طلق (ثم دخلت على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقلت وأنا قائم) يا رسول الله: (أطلقت نساءك) بهمزة الاستفهام كما في فرع اليونينية كهي، وقال العيني بحذفها (قال) عليه الصلاة والسلام: (لا. فقلت) وللأصيلي قلت: (الله أكبر) تعجبًا من كون الأنصاري ظن أن اعتزاله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن نسائه طلاق أو ناشئ عنه، والمقصود من إيراده لهذا الحديث هنا التناوب في العلم اهتمامًا بشأنه، لكن قوله كنت أنا وجار لي من الأنصار نتناوب النزول ليس في رواية ابن وهب إنما هو في رواية شعيب كما نص عليه الذهلي والدارقطني والحاكم في آخرين. وفي هذا الحديث رواية تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي والتحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف في النكاح والمظالم، ومسلم في الطلاق، والترمذي في التفسير، والنسائي في الصوم وعِشرة النساء. 28 - باب الْغَضَبِ فِي الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ هذا (باب الغضب) بالإضافة وهو انفعال يحصل من غليان الدم لشيء دخل في القلب (في) حالة (الموعظة و) حالة (التعليم إذا رأى) الواعظ أو المعلم (ما يكره) أي الذي يكرهه فحذف العائد، وقيل أراد المؤلف الفرق بين قضاء القاضي وهو غضبان وبين تعليم المعلم وتذكير الواعظ فإنه بالغضب أجدر كذا قاله البرماويوالعيني كابن المنير، وتعقبه البدر الدماميني فقال: أما الوعظ فمسلم وأما تعليم العلم فلا نسلم أنه أجدر بالغضب لأنه مما يدهش الفكر فقد يفضي التعليم به في هذه الحالة إلى خلل والمطلوب كمال الضبط انتهى. .