879 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، يَوْمَ الْجُمُعَةِ: الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ ".

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) هو: ابن أنس (عن صفوان بن سليم) بضم السين، الزهري المدني (عن عطاء بن يسار) بالمثناة التحتية والمهملة المخففة، مولى ميمونة رضي الله عنها (عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (غسل يوم الجمعة) تمسك به من قال: الغسل لليوم، للإضافة إليه ومذهب الشافعية والمالكية وأبي يوسف: للصلاة لزيادة فضيلتها على الوقت، واختصاص الطهارة بها، كما مرّ، دليلاً وتعليلاً (واجب) أي: كالواجب في تأكيد الندبية، أو واجب في الاختيار وكرم الأخلاق والنظافة، أو في الكيفية لا في الحكم، (على كل محتلم) أي بالغ، فخرج الصبي، وذكر الاحتلام لكونه الغالب. وقد تمسك به من قال بالوجوب، وهو مذهب الظاهرية. وحكي عن جماعة من السلف منهم أبو هريرة وعمار بن ياسر، وحكي عن أحمد في إحدى الروايتين عنه لنا قوله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل". رواه الترمذي وحسنه، وهو صارف للوجوب المذكور، وقوله: فبها، أي: فبالسنة أخذ، أي: بما جوّزته من الاقتصار على الوضوء، ونعمت الخصلة. أي: الفعلة، والغسل معها أفضل. واستدلّ الشافعي رحمه الله في الرسالة لعدم الوجوب بقصة عثمان وعمر السابقة، وعبارته: فلما لم يترك عثمان الصلاة للغسل، ولم يأمره عمر بالخروج للغسل، دلّ ذلك على أنهم قد علما أن الأمر بالغسل للاختيار. اهـ. وقيل: الوجوب منسوخ، وعورض بأن النسخ لا يصار إليه إلاّ بدليل. ومجموع الأحاديث يدل على استمرار الحكم، فإن في حديث عائشة: إن ذلك كان في أوّل الحال حيث كانوا مجهودين: وكان أبو هريرة وابن عباس إنما صحبا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد أن حصل التوسع بالنسبة إلى ما كانوا فيه أولاً، ومع ذلك، فقد سمع كلٌّ منهما منه عليه الصلاة والسلام الأمر بالغسل، والحثّ عليه، والترغيب فيه. فكيف يدّعي النسخ مع ذلك. وأما تأويل القدوري، من الحنفية، قوله: واجب، بمعنى ساقط. و: على، بمعنى: عن، فلا يخفى ما فيه من التكلّف. وأما قول بعضهم: إنه ليس بشرط بل واجب مستقل تصح الصلاة بدونه، وكان أصله قصد التنظيف وإزالة الروائح التي تتأذى منها الملائكة والناس، فيلزم منه تأثيم سيدنا عثمان رضي الله عنه. وأجيب: بأنه كان معذورًا لأنه إنما تركه ذاهلاً عن الوقت. 3 - باب الطِّيبِ لِلْجُمُعَةِ (باب الطيب للجمعة). 880 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: "أَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَأَنْ يَسْتَنَّ، وَأَنْ يَمَسَّ طِيبًا إِنْ وَجَدَ". قَالَ عَمْرٌو: أَمَّا الْغُسْلُ فَأَشْهَدُ أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَأَمَّا الاِسْتِنَانُ وَالطِّيبُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ أَوَاجِبٌ هُوَ أَمْ لاَ، وَلَكِنْ هَكَذَا فِي الْحَدِيثِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: هُوَ أَخُو مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، وَلَمْ يُسَمَّ أَبُو بَكْرٍ هَذَا. رَوَاهُ عَنْهُ بُكَيْرُ بْنُ الأَشَجِّ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلاَلٍ وَعِدَّةٌ. وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ يُكْنَى بِأَبِي بَكْرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ". وبه قال: (حدّثنا علي) هو ابن المديني، ولابن عساكر: عليّ بن عبد الله بن جعفر (قال: حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: أخبرنا (حرمي بن عمارة) بفتح الحاء والراء المهملتين وكسر الميم في الأول، وبضم العين وتخفيف الميم في الآخر (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن أبي بكر بن المنكدر) بضم الميم وسكون النون وفتح الكاف، ابن عبد الله بن ربيعة التابعي (قال: حدّثني) بالإفراد (عمرو بن سليم) بفتح العين وسكون الميم في الأول، وضم المهملة وفتح اللام في الثاني (الأنصاري) التابعي (قال: أشهد على أبي سعيد) الخدري، رضي الله عنه، (قال: أشهد على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) عبر بلفظ أشهد، للتأكيد أنه (قال): (الغسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم) أي بالغ. وهو مجاز لأن الاحتلام يستلزم البلوغ، والقرينة المانعة عن الحمل على الحقيقة أن الاحتلام إذا كان معه الإنزال موجب للغسل، سواء كان يوم الجمعة أو لا(وأن يستن) عطف على معنى الجملة السابقة، و: أن مصدرية، أي: والاستنان. والمراد بذلك الاستنان بالسواك و (وأن يمس طيبًا إن وجد) الطيب، أو السواك والطيب، وقوله: يمس، بفتح الميم. (قال عمرو) المذكور بالإسناد السابق إليه (أما الغسل فأشهد أنه واجب) أي كالواجب في التأكيد (وأما الاستنان والطيب، فالله أعلم أواجب هو أم لا؟ ولكن هكذا في الحديث) أشار به إلى العطف لا يقتضي التشريك من جميع الوجوه، فكان القدر المشترك تأكيدًا لطلب للثلاثة، وجزم بوجوب الغسل دون غيره للتصريح به في الحديث، وتوقف فيما عداه لوقوع الاحتمال فيه. وقوله: واجب، أي مؤكد كالواجب، كما مر ... كذا حمله الأكثرون على ذلك بدليل عطف الاستنان والطيب عليه، المتفق على عدم وجوبهما، فالمعطوف عليه كذلك. ورواة هذا الحديث ما بين بصري وواسطي ومدني، وفيه التحديث والقول، ولفظ: أشهد، وأخرجه مسلم وأبو داود في الطهارة. (قال أبو عبد الله) البخاري: (هو) أي: أبو بكر بن المنكدر السابق في السند (أخو محمد بن المنكدر) لكنه أصغر منه (ولم يسم) بالبناء للمفعول (أبو بكر هذا) الراوي هنا بغير أبي بكر، بخلاف أخيه محمد، فإنه، وإن كان يكنّى أبا بكر، لكن كان مشهورًا باسمه دون كنيته (رواه) أي الحديث المذكور، ولأبي ذر في غير اليونينية: روى (عنه) أي عن أبي بكر بن المنكدر (بكير بن الأشج) بضم الموحدة وفتح الكاف مصغرًا وفتح الشين المعجمة بعد الهمزة المفتوحة آخره جيم، (وسعيد بن أبي هلال، وعدة) أي عدد كثير من الناس. قال الحافظ ابن حجر: وكأن المراد أن شعبة لم ينفرد برواية هذا الحديث عنه، لكن بين رواية بكير وسعيد مخالفة في موضع من الإسناد فرواية بكير موافقة لرواية شعبة، ورواية سعيد أدخل فيها بين عمرو بن سليم وأبي سعيد واسطة، كما أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق عمرو بن الحرث: أن سعيد بن أبي هلال، وبكير بن الأشج حدّثناه عن أبي بكر بن المنكدر، عن عمرو بن سليم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه: وقال في آخره: إلا أن بكيرًا لم يذكر عبد الرحمن. فانفرد سعيد بن أبي هلال بزيادة عبد الرحمن. اهـ. (وكان محمد بن المنكدر يكنى بأبي بكر، وأبي عبد الله) وقد سقط من قول: قال أبو عبد الله إلخ. في رواية ابن عساكر. 4 - باب فَضْلِ الْجُمُعَةِ (باب فضل الجمعة) شامل لليوم والصلاة. .