877 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ وَهُوَ ابْنُ بِلَالٍ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، قَالَ: اسْتَخْلَفَ مَرْوَانُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَخَرَجَ إِلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى لَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ الْجُمُعَةَ، فَقَرَأَ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ، فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ: إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ، قَالَ: فَأَدْرَكْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ حِينَ انْصَرَفَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّكَ قَرَأْتَ بِسُورَتَيْنِ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَقْرَأُ بِهِمَا بِالْكُوفَةِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقْرَأُ بِهِمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ».
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» [الحديث طرفاه في: 894، 919]. وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب، ولابن عساكر: عن ابن عمر (رضي الله عنهما: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (إذا جاء) أي: إذا أراد (أحدكم الجمعة، فليغتسل) بإضافة أحد إلى ضمير الجمع، ليعمّ الرجال والنساء والصبيان. واستشكل دلالة الحديث على ما ترجم له من شهود الصبي والمرأة للجمعة، فإن القضية الشرطية لا تدل على وقوع المجيء. وأجيب بأنه استفيد من: إذا، فإنها لا تدخل إلا في مجزوم بوقوعه. وتعقب بأنه خرج بقوله، في ثالث حديث الباب: على كل محتلم: الصبي، وبعموم النهي في منع النساء من المساجد إلا بالليل حضورهنّ الجمعة. وفي بعض طرق حديث نافع عند أبي داود بإسناد صحيح، لكنه ليس على شرط المصنف، عن طارق بن شهاب مرفوعًا: لا جمعة على امرأة ولا صبي. نعم، لا بأس بحضور العجائز بإذن الأزواج، وليحترزن من الطيب والزينة. وظاهر قوله: إذا جاء فليغتسل. أن الغسل يعقب المجيء، وليس كذلك. وإنما التقدير: إذا أراد أحدكم ... كما مرّ. وقد وقع ذلك صريحًا عند مسلم في رواية الليث، عن نافع، ولفظه: إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة ... فهو كآية الاستعاذة. وفي حديث أبي هريرة: من اغتسل يوم الجمعة ثم راح ... ، وهو صريح في تأخر الرواح عن الغسل. وقد علم من تقييد الغسل بالمجيء أن الغسل للصلاة لا لليوم، وهو مذهب الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة، رحمهم الله، فلو اغتسل بعد الصلاة لم يكن للجمعة، ولو اغتسل بعد الفجر أجزأه عند الشافعية والحنفية، خلافًا للمالكية والأوزاعي. وفي حديث إسماعيل بن أمية، عن نافع، عند أبي عوانة وغيره: كان الناس يغدون في أعمالهم، فإذا كانت الجمعة جاؤوا وعليهم ثياب متغيرة، فشكوا ذلك إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل". فأفاد سبب الحديث. واستدلّ به المالكية في أنه يعتبر أن يكون الغسل متصلاً بالذهاب، لئلا يفوت الغرض. وهو رعاية الحاضرين من التأذّي بالروائح حال الاجتماع، وهو غير مختص بمن تلزمه قالوا: ومن اغتسل ثم اشتغل عن الرواح إلى أن بعد ما بينهما عرفًا، فإنه يعيد الغسل لتنزيل البعد منزلة الترك. وكذا إذا نام اختيارًا بخلاف من غلبهالنوم أو أكل أكلاً كثيرًا بخلاف القليل. اهـ. ومقتضى النظر: أنه إذا عرف أن الحكمة في الأمر بالغسل يوم الجمعة التنظيف رعاية للحاضرين، كما مر، فمَن خشي أن يصيبه في أثناء النهار ما يزيل تنظيفه استحب له أن يؤخر الغسل لوقت ذهابه، كما مر عن المالكية، وبه صرّح في الروضة وغيرهما. ومفهوم الحديث: أن الغسل لا يشرع لمن لا يحضرها، كالمسافر والعبد، وقد صرح به في رواية عثمان بن واقد عند أبي عوانة، وابني خزيمة وحبان في صحاحهم، ولفظه: "من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل، ومن لم يأتها فليس عليه غسل". وهو الأصح عند الشافعية. وبه قال الجمهور، خلافًا لأكثر الحنفية. وذكر المجيء في قوله: إذا جاء أحدكم الجمعة للغالب، وإلاّ فالحكم شامل لمجاور الجامع ومن هو مقيم به. .