833 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: وَهِمَ عُمَرُ: إِنَّمَا «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَحَرَّى طُلُوعُ الشَّمْسِ، وَغُرُوبُهَا»

وَعَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتَعِيذُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ". (و) بالسند السابق إلى شعيب (عن الزهري) محمد بن مسلم (قال: أخبرني) بالإفراد (عن عروة أن عائشة) ولأبي ذر والأصيلي: أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة (رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستعيذ في) آخر (صلاته من فتنة الدجال). ساقه هنا مختصرًا، وفي السابق مطولاً، ليفيد أن الزهري رواه كذلك مع زيادة ذكر السماع عن عائشة رضي الله عنها. فإن قلت: كيف استعاذ من فتنة الدجال مع تحقق عدم إدراكه. أجيب: بأن فائدته تعليم أمته، لأن ينتشر خبره بين الأمة جيلاً بعد جيل بأنه: كذاب، مبطل، ساعٍ على وجه الأرض بالفساد، حتى لا يلتبس كفره عند خروجه من يدركه. 834 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو "عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلاَتِي. قَالَ قُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ». [الحديث 834 - طرفاه في: 6326، 7388]. وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) بكسر العين (قال: حدّثنا الليث) بن سعد (عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير) مرثد بفتح الميم وسكون الراء وفتح المثلثة، آخره دال مهملة ابن عبد الله اليزني (عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاصي (عن أبي بكر الصديق، رضي الله عنه، أنه قال لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- علمني دعاء أدعو به في صلاتي) أي: في آخرها بعد التشهد الأخير: قبل السلام. وقال الفاكهاني: الأولى أن يدعو به في السجود وبعد التشهد، لأن قوله: في صلاتي يعم جميعها. وتعقب بأنه: لا دليل له على دعوى الأولوية، بل الدليل الصريح عامّ في أنه بعد التشهد قبل السلام، (قال) له عليه الصلاة والسلام: (قل: اللهم إني ظلمت نفسي) بارتكاب ما يوجب العقوبة (ظلمًا كثيرًا) بالمثلثة، ولأبي ذر في نسخة: كبيرًا بالموحدة، وسقط لأبي ذر لفظ: نفسي "ولا يغفر الذنوب إلاَّ أنت". إقرار بالوحدانية واستجلاب للمغفرة. "فاغفر لي مغفرة" عظيمة لا يدرك كنهها "من عندك" تتفضل بها علي، لا تسبب لي فيها بعمل ولا غيره، "وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم". في هاتين الصفتين مقابلة حسنة، فالغفور مقابل لقوله: اغفر لي. والرحيم مقابل لقوله: ارحمني. قال في الكواكب: وهذا الدعاء من جوامع الكلم إذ فيه الاعتراف بغاية التقصير، وهو كونه ظالمًا ظلمًا كثيرًا وطلب غاية الإنعام التي هي المغفرة والرحمة، فالأول عبارة عن الزحزحة عن النار، والثاني إدخال الجنة. وهذا هو الفوز العظيم، اللهم اجعلنا من الفائزين بكرمك يا أكرم الأكرمين. ورواة هذا الحديث سوى طرفيه مصريون، وفيه تابعي عن تابعي، وصحابي عن صحابي، والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: الدعوات، وكذا مسلم والترمذي وابن ماجة، وأخرجه النسائي في الصلاة، وزاد أبو ذر في نسخة عنه هنا: بسم الله الرحمن الرحيم، وهي ساقطة عند الكل. 150 - باب مَا يُتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ (باب ما يتخير) بضم أوّله للمفعول (من الدعاء بعد) فراغه من (التشهد) قبل السلام (وليس بواجب). 835 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الصَّلاَةِ قُلْنَا: السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ عِبَادِهِ، السَّلاَمُ عَلَى فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لاَ تَقُولُوا السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ! فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ -أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو». وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى) القطان (عن الأعمش) سليمان بن مهران (قال: حدّثني) بالإفراد (شفيق) هو أبو وائل (عن عبد الله) بن مسعود وضي الله عنه (قال: كنا إذا كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الصلاة، قلنا: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام) أي فكيف يدعى له به. وهو مالكه، وإليه يعود، لأنّه المرجوع إليه بالمسائل عن المعاني المذكورة. وسقط لفظ: في الصلاة، لابن عساكر (ولكن قولوا: التحيات لله) وللأصيلي وابن عساكر: ولكن التحيات له (والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) بكاف الخطاب في قوله عليك. وكان السياق يقتضي أن يقول: السلام على النبي فينتقل من تحية الله إلى تحية النبي، وأجيب عنه بما مرّ قريبًا. وقال الطيبي: إن المصلين لما استفتحوا باب الملكوت بالتحيات، أذن لهم بالدخول في حرم الحي الذي لا يموت، فقرّت أعينهم بالمناجاة، فنبهوا على أن ذلك بواسطة نبي الرحمةوبركة متابعته، فالتفتوا، فإذا الحبيب في حرم الحبيب حاضر، فأقبلوا عليه قائلين السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وهذا على طريقة أهل العرفان. قال الحافظ ابن حجر، رحمه الله تعالى: وقد ورد في بعض طرق ابن مسعود ما يقتضي المغايرة بين زمانه عليه الصلاة والسلام، فيقال بلفظ الخطاب، وأما بعده فبلفظ الغيبة. ففي الاستئذان من صحيح البخاري، من طريق أبي معمر عن ابن مسعود، بعد أن ساق حديث التشهد، قال: وهو بين ظهرانينا، فلما قبض قلنا: السلام، يعني على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذا في البخاري وأخرجه أبو عوانة في صحيحه، والسراج، والجوزقيّ، وأبو نعيم الأصبهاني، والبيهقي من طرق متعددة إلى أبي نعيم، شيخ البخاري، فيه بلفظ: فلما قبض قلنا: السلام على النبي، بحذف لفظ: يعني. قال السبكي في شرح المنهاج، بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة دلّ على أن الخطاب في السلام بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غير واجب، فيقال السلام على النبي. اهـ. قال في فتح الباري: قد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعًا قويًا. قال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج، أخبرني عطاء أن الصحابة كانوا يقولون، والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حي: السلام عليك أيها النبي، فلما مات قالوا: السلام على النبي، وهذا إسناد صحيح. (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتم، أصاب) ولابن عساكر وأبي الوقت وأبي ذر عن الكشميهني: إذا قلتم ذلك أصاب (كل عبد) صالح (في السماء أو) قال (بين السماء والأرض- أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ثم يتخير)، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ثم ليتخير (من الدعاء أعجبه إليه فيدعو). زاد مسدد في رواية أبي داود: فيدعو به، وللنسائي فليدع به. وهذا موضع الترجمة. وهو مع الترجمة يشير إلى أن الدعاء السابق في الباب الذي قبله لا يجب، وإن كان ورد بصيغة الأمر. ثم إن المنفي في قوله في الترجمة: وليس بواجب، يحتمل أن يكون الدعاء. أي: لا يجب دعاء مخصوص. وإن كان التخيير مأمورًا به، ويحتمل أن يكون المنفي التخيير، ويحمل الأمر الوارد به على الندب، ويحتاج إلى دليل. قال ابن رشيد: ليس التخيير في آحاد الشيء بدالٍّ على عدم وجوبه، فقد يكون أصل الشيء واجبًا ويقع التخيير في وصفه. وقال ابن المنير: ثم ليتخير، وإن كان بصيغة الأمر لكنها كثيرًا ما ترد للندب. اهـ. ثم إن قوله: ثم ليتخير من الدعاء أعجبه، شامل لكل دعاء مأثور وغيره مما يتعلق بالآخرة، كقوله: اللهم أدخلني الجنة. أو الدنيا، مما يشبه كرم الناس كقوله: اللهم ارزقني زوجة جميلة ودراهم جزيلة، وبذلك أخذ الشافعية والمالكية ما لم يكن إثمًا. وقصره الحنفية على ما يناسب المأثور فقط، مما لا يشبه كلام الناس، محتجين بقوله عليه الصلاة والسلام: "إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس". ولنا قوله، عليه الصلاة والسلام: "سلوا الله حوائجكم حتى الشسع لنعالكم، والملح لقدوركم". نعم استثنى بعض الشافعية ما يقبح من أمر الدنيا، قال في الفتح: فإن أراد الفاحش من اللفظ فمحتمل، وإلاّ فلا شك أن الدعاء بالأمور المحرمة مطلقًا لا يجوز. اهـ. وهذا الاستثناء ذكره أبو عبد الله الأبي وعبارته: واستثنى بعض الشافعية من مصالح الدنيا ما فيه سوء أدب، كقوله: اللهم أعطني امرأة جميلة، هنها كذا، ثم يذكر أوصاف أعضائها. اهـ. وقال ابن المنير: الدعاء بأمور الدنيا في الصلاة، خطر، وذلك أنه قد تلتبس عليه الدنيا الجائزة بالمحظورة، فيدعو بالمحظورة، فيكون عاصيًا متكلمًا في الصلاة، فتبطل صلاته، وهو لا يشعر، ألا ترى أن العامّة، يلتبس عليها الحق بالباطل، فلو حكم حاكم على عامي بحق فظنه باطلاً، فدعا على الحاكم باطلاً بطلت صلاته، وتمييز الحظوظ الجائزة من المحرمة عسر جدًّا، فالصواب أن لا يدعو بدنياه إلاّ على تثبت من الجواز. اهـ. 151 - باب مَنْ لَمْ يَمْسَحْ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ حَتَّى صَلَّى قَالَ أَبُو عَبدِ اللهِ: رأيتُ الحُمَيديَّ يحتجُّ بهذا الحديثِ أن لا يمسَحَ الجبهةَ في الصلاةِ. (باب من لم يمسح جبهته وأنفه) من الماء والطين وهو في الصلاة (حتى صلّى). (قال أبو عبد الله) البخاري (رأيت الحميدي) عبد الله بن الزبير المكي (يحتج بهذا الحديث) الآتي: (أن لا يمسح) المصلي (الجبهة) والأنف وهو (في الصلاة). وفي اليونينية، بهامشها، وهذا ثابت عند الأربعة هنا، وهو في الأصولثابت. .