799 - حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأُبَيٍّ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ»، قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «اللهُ سَمَّاكَ لِي»، قَالَ: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُجْمِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَلاَّدٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ: "كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: مَنِ الْمُتَكَلِّمُ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ» ". وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) إمام دار الهجرة (عن نعيم بن عبد الله المجمر) بضم الميم الأولى، وكسر الثانية والخفض، صفة لنعيم وأبيه (عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي) بضم الزاي وفتح الراء الأنصاري المدني، المتوفى سنة تسع وعشرين ومائة، وفي رواية ابن خزيمة: إن علي بن يحيى حدّثه (عن أبيه) يحيى بن خلاد الذي حنكه رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (عن رفاعة بن رافع) بكسر الراء وتخفيف الفاء وبعد الألف عين مهملة في الأول، وبالراء المفتوحة وبالفاء في الآخر (الزرقي) أيضًا أنه (قال: كنا يومًا) من الأيام (نصلي) ولأبي ذر: كنا نصلي يومًا (وراء النبي) وللأصيلي: وراء رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المغرب (فلما رفع رأسه) أي: فلما شرع في رفع رأسه (من الركعة قال): (سمع الله لمن حمده) وأتمه في الاعتدال. (قال رجل) هو رفاعة بن رافع: قال في المصابيح: وهل هو راوي الحديث أو غيره يحتاج إلى تحرير. اهـ. قلت جزم الحافظ ابن حجر بأنه راوي الحديث، وكذا قال ابن بشكوال، وهو في الترمذي. وإنما كنى عن نفسه لقصد إخفاء عمله. ونقل البرماوي عن ابن مندة أنه جعله غير راوي الحديث. وأن الحاكم جعله معاذ بن رفاعة، فوهم في ذلك. ولأبوي ذر والوقت: فقال رجل: (ربنا) وللكشميهني: فقال رجل من ورائه: ربنا (ولك الحمد) بالواو (حمدًا) منصوب بفعل مضمر دل عليه قوله: لك الحمد (كثيرًا طيبًا) خالصًا عن الرياء والسمعة (مباركًا) أي كثير الخير (فيه) زاد في رواية رفاعة بن يحيى: كما يحب ربنا ويرضى وفيه من حسن التفويض إلى الله تعالى ما هو الغاية في القصد. (فلما انصرف) عليه الصلاة والسلام من الصلاة (قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (من المتكلم)؟ بهذه الكلمات زاد رفاعة بن يحيي: في الصلاة، فلم يتكلم أحد. ثم قالها الثانية، فلم يتكلم أحد، ثم قالها الثالثة (قال) رفاعة بن رافع (أنا) المتكلم بذلك، أرجو الخير. فإن قلت: لِمَ أخر رفاعة إجابة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى كرر سؤاله ثلاثًا مع وجوب إجابته عليه، بل وعلى غيره ممن سمع، فإنه عليه الصلاة والسلام عمّم السؤال، حيث قال: من المتكلم؟. أجيب: بأنه لما لم يعين واحدًا بعينه، لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد بعينه، وكأنهم انتظروا بعضهم ليجيب، وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنًّا منهم أنه أخطأ فيما فعل، ورجوا أن يقع العفو عنه. ويدل له ما في رواية سعيد بن عبد الجبار عن رفاعة بن يحيى، عند ابن نافع، قال رفاعة: فوددت أني خرجت من مالي، وأني لم أشهد مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تلك الصلاة. الحديث. وكأنه عليه الصلاة والسلام لما رأى سكوتهم فهم ذلك فعرفهم أنه لم يقل بأسًا، ويدل لذلك حديث مالك بن ربيعة عند أبي داود قال: من القائل الكلمة؟ فلم يقل بأسًا؟ (قال) عليه الصلاة والسلام: (رأيت بضعة) بتاء التأنيث، وللحموي والمستملي: بضعًا (وثلاثين ملكًا) أي على عدد حروف الكلمات: أربعة وثلاثين، لأن البضع بكسر الباء وتفتح ما بين الثلاث والتسع، ولا يختص بما دون العشرين خلافًا للجوهري، والحديث يرد عليه، فأنزل الله تعالى بعدد حروف الكلمات ملائكة في مقابلة كل حرف ملكًا تعظيمًا لهذه الكلمات، وأما ما وقع في حديث أن عند مسلم، فالموافقة فيه كما أفاده في الفتح بالنظر لعدد الكلمات على اصطلاح النحاة، ولفظه: لقد رأيت اثني عشر ملكًا (يبتدرونها) أي: يسارعون إلى الكلمات المذكورة (أيهم) بالرفع مبتدأ خبره (يكتبها أول) بالبناء على الضم لنيةالإضافة ويجوز أن يكون معربًا بالنصب على الحال وهو غير منصرف، والوجهان في فرع اليونينية كهي. قال في المصابيح وأي استفهامية تتعلق بمحذوف دل عليه: يبتدرونها، والتقدير يبتدرونها ليعلموا أيهم يكتبها أول، أو ينظرون أيهم يكتبها. ولا يصح أن يكون متعلقًا: بيبتدرون، لأنه ليس من الأفعال التي تعلق بالاستفهام، ولا مما يحكى به. فإن قلت: والنظر أيضًا ليس من الأفعال القلبية والتعليق من خواصها، فكيف ساغ لك تقديره؟ وأجاب بأن في كلام ابن الحاجب وغيره من المحققين ما يقتضي أن التعليق لا يخص أفعال القلوب المتعدية إلى اثنين، بل يخص كل قلبي، وإن تعدى إلى واحد: كعرف، والنظر هاهنا يحمل على نظر البصيرة، فيصح تعليقه: واقتصر الزركشي حيث جعلها استفهامية على أن المعلق هو: يبتدرون، وإن لم يكن قلبيًّا، وهذا مذهب مرغوب عنه. اهـ. ويجوز نصب: أيّهم، بتقدير ينظرون، والمعنى أن كل واحد منهم يسرع ليكتب هذه الكلمات قبل الآخر ويصعد بها إلى حضرة الله تعالى لعظم قدرها. ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وفيه رواية الأكابر عن الأصاغر، لأن نعيمًا أكبر سنًّا من علي بن يحيى. وأقدم سمعًا منه، وفيه ثلاثة من التابعين، والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه أبو داود والنسائي. 127 - باب الإِطْمَأْنِينَةِ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: رَفَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاسْتَوَى جَالِسًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ. (باب الإطمأنينة) بكسر الهمزة قبل الطاء الساكنة، وفي بعضها بضم الهمزة، وللكشميهني: الطمأنينة، بضم الطاء بغير الهمز (حين يرفع) المصلي (رأسه من الركوع). (وقال أبو حميد) الساعدي، ما يأتي موصولاً، إن شاء الله تعالى، في باب: سنة الجلوس للتشهد؛ (رفع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأسه). من الركوع (واستوى) بالواو، ولأبي ذر: فاستوى، أي: قائمًا (حتى يعود كل فقار مكانه) بفتح الفاء والقاف الخفية، خرزات الصلب: وهي مفاصله، والواحدة فقارة. وقد حصلت المطابقة بين هذا التعليق والترجمة بقوله: واستوى أي قائمًا. نعم: في رواية كريمة: واستوى جالسًا، وحينئذ فلا مطابقة. لكن المحفوظ سقوطها. وعزاه في الفرع وأصله للأصيلي وأبي ذر فقط، وعلى تقدير ثبوتها فيحتمل أنه عبر عن السكون بالجلوس، فيكون من باب: ذكر الملزوم وإرادة اللازم. .