792 - حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ».
حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: "كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ -مَا خَلاَ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ- قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ". [الحديث طرفاه في: 801، 820]. وبه قال: (حدّثنا بدل بن المحبر) بموحدة فدال مفتوحتين في الأوّل، وميم مضمومة فحاء مهملة فموحدة مشدّدة مفتوحتين في الثاني (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر: أخبرنا، وللأصيلي: حدّثنا (الحكم) بن عتبة الكوفي (عن ابن أبي ليلى) عبد الرحمن الأنصاري الكوفي (عن البراء) ولأبي ذر والأصيلي زيادة ابن عازب (قال: كان ركوع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) اسم كان (وسجوده) عطف عليه (وبين السجدتين) عطف على ركوع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تقدير المضاف، أي زمان ركوعه وسجوده وبين السجدتين، أي: الجلوس بينهما (إذا رفع) أي اعتدل (من الركوع)، ولأبي ذر: وإذا رفع رأسه من الركوع، أي: وقت رأسه من الركوع، وإذًا هنا لمجرد الزمان منسلخًا عن الاستقبال، (ما خلا) بمعنى: إلا (القيام) الذي هو للقراءة (و) إلا (القعود) الذي هو للتشهد (قريبًا من السواء) بفتح السين والمدّ من المساواة. والاستثناء هنا من المعنى، كأن معناه: كان أفعال صلاته كلها قريبة من السواء، ما خلا القيام والقعود، فإنه كان يطوّلهما. وفيه إشعار بالتفاوت والزيادة على أصل حقيقة الركوع والسجود وبين السجدتين، والرفع من الركوع. وهذه الزيادة لا بدّ أن تكون على القدر الذي لا بدّ منه، وهو الطمأنينة، وهذا موضع المطابقة بين الحديث والترجمة. وأما قول البدر الدماميني في المصابيح: إن قوله: قريبًا من السواء لا يطابق الترجمة، لأن الاستواء المذكور فيها هي الهيئة المعلومة السالمة من الحنوة والحدبة، والمذكور في الحديث، إنما هو تساوي الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين في الزمان، إطالةً وتخفيفًا، فقد سبقه إليه العلاّمة ناصر الدين بن المنير. وأجيب: بأن دلالة الحديث، إنما هي على قوله في الترجمة وحدّ إتمام الركوع والاعتدال فيه. وكان المعترض لم يتأمل ما بعد حديث أبي حميد من بقية الترجمة. وأما مطابقة الحديث لقوله: حدّ إتمام الركوع، فمن جهة أنه دل على تسوية الركوع والسجود، والاعتدال والجلوس بين السجدتين، وقد ثبت في بعض طرقه، عند مسلم: تطويل الاعتدال، فيؤخذ منه إطالة الجميع والله أعلم. وقد جزم بعضهم بأن المراد القيام بالاعتدال، وبالقعود الجلوس بين السجدتين، وردّه ابن القيم في حاشيته على السُّنن، فقال هذا سوء فهم من قائله لأنه قد ذكرهما بعينهما، فكيف يستثنيهما؟ وهل يحسن قول القائل: جاء زيد وعمرو وبكر وخالد إلا زيدًا وعمرًا؟ فإنه متى أراد نفي المجيء عنهما كان متناقضًا. انتهى. وتعقب بأن المراد بذكرها إدخالها في الطمأنينة، وباستثناء بعضها، إخراج المستثنى من المساواة. وقد وقع هذا الحديث في باب الطمأنينة حين يرفع رأسه من الركوع بغير استثناء، وإذا جمع بين الروايتين ظهر من الأخذ بالزيادة فيهما أن المراد بالقيام المستثنى القيام للقراءة، وبالقعود، القعود للتشهد كما سبق. وقد اختلف هل الاعتدال ركن طويل أم قصير، وحديث أنس الآتي في باب الطمأنينة، إن شاء الله تعالى، أصرح من حديث الباب في أنه طويل، لكن المرجح عند الشافعية أنه قصير تبطل الصلاة بتطويله، ويأتي البحث في ذلك، إن شاء الله تعالى، في باب الطمأنينة. ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون إلا بدل بن المحبر فبصري، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وشيخ المؤلّف من أفراده، ورواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة، وكذا مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. 122 - باب أَمْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الَّذِي لاَ يُتِمُّ رُكُوعَهُ بِالإِعَادَةِ (باب: أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الذي لا يتم ركوعه بالإعادة) للصلاة، وفي نسخة باب بالتنوين أمر بفتحات. 793 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَرَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ السَّلاَمَ فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ (ثَلاَثًا) فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ فَمَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ فَعَلِّمْنِي. قَالَ: إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا». وبه قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد (قال: أخبرني) بالإفراد، ولأبوي ذر والوقت الأصيلي وابن عساكر: حدّثنا (يحيى بن سعيد) القطان (عن عبيد الله) بضم العين، ابنعمر العمري (قال: حدّثنا) وللأربعة: حدّثني (سعيد المقبري، عن أبيه) كيسان الليثي الخندعي، ويحيى كما قال الدارقطني: حافظ عمدة، لا تقدح مخالفته جميع أصحاب عبيد الله في حديثه هذا، حيث رووه كلهم عنه، عن سعيد، من غير ذكر أبيه، وحينئذ فالحديث صحيح لا علة فيه، ولا يغتر بذكر الدارقطني له في الاستدراكات، (عن أبي هريرة)، رضي الله عنه، وللكشميهني: أن أبا هريرة قال: (إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دخل المسجد) ولأبي ذر عن المستملي والحموي، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: دخل المسجد (فدخل) بالفاء، ولأبي ذر: ودخل (رجل) هو خلاد بن رافع الزرقي، جدّ علي بن يحيى بن عبد الله بن خالد، (فصلّى) ركعتين، كما للنسائي، وهل كانتا نفلاً أو فرضًا؟ الظاهر الأول والأقرب أنهما ركعتا تحية المسجد، (ثم جاء فسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فردّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليه السلام فقال) له: وعليك السلام، (ارجع فصل، فإنك لم تصل) نفي للصحة لأنها أقرب لنفي الحقيقة من نفي الكمال، فهي أولى المجازين، وأيضًا فلما تعذرت الحقيقة وهي نفي الذات، وجب صرف النفي إلى سائر صفاتها، (فصلّى، ثم جاء فسلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في رواية أبي أسامة: فجاء فسلم، وهي أولى، لأنه لم يكن بين صلاته ومجيئه تراخٍ (فقال) له عليه الصلاة والسلام بعد قوله: وعليك السلام (ارجع فصل فإنك لم تصل -ثلاثًا-) أي: ثلاث مرات، قال البرماوي: وهو متعلق بصلى وقال، وسلم وجاء، فهو من تنازع أربعة أفعال، وإنما لم يعلمه أوّلاً لأن التعليم بعد تكرار الخطأ أثبت من التعليم ابتداء، وقيل تأديبًا له، إذ لم يسأل، واكتفى بعلم نفسه، ولذا لما سأل وقال: لا أحسن، علمه. وليس فيه تأخير البيان، لأنه كان في الوقت سعة إن كانت صلاة فرض. (فقال: والذي بعثك بالحق، فما) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ما (أحسن غيره، فعلمني. قال) عليه الصلاة والسلام، ولأبي الوقت فقال: (إذا قمت إلى الصلاة فكبّر) تكبيرة الإحرام (ثم اقرأ ما) وللأصيلي: بما (تيسر معك من القرآن)، أي الفاتحة، لأنها ميسرة لكل أحد، وعند أبي داود ثم اقر بأم القرآن، أو بما شاء الله، ولأحمد وابن حبان: ثمّ اقرأ بأم القرآن، ثمّ اقرأ بما شئت، (ثم اركع حتى تطمئن) حال كونك (راكعًا. ثم ارفع حتى تعتدل) حال كونك (قائمًا) في رواية ابن نمير عند ابن ماجة، بإسناد على شرط الشيخين: حتى تطمئن قائمًا. فالظاهر أن إمام الحرمين لم يقف على هذه الرواية، حيث قال: وفي إيجاب الطمأنينة في الرفع من الركوع شيء، لأنها لم تذكر في حديث: المسيء صلاته. (ثم اسجد حتى تطمئن) حال كونك (ساجدًا، ثم ارفع حتى تطمئن) حال كونك (جالسًا ثم اسجد حتى تطمئن) حال كونك (ساجدًا، ثم الفعل ذلك) المذكور من كل واحد من التكبير للإحرام، وقراءة الفاتحة، والركوع، والسجود، والجلوس (في) كل ركعة واحدة من (صلاتك كلها) فرضًا ونفلاً. ولم يذكر له بقية الواجبات في الصلاة لكونه كان معلومًا عنده. فإن قلت: من أين تؤخذ المطابقة بين الترجمة والحديث فإنه لم يقع فيه بيان ما نقصه المصلّى المذكور؟. أجيب: بأنه ورد في حديث رفاعة بن رافع، عند ابن أبي شيبة، في هذه القصة: دخل رجل فصلّى صلاة خفيفة لم يتم ركوعها ولا سجودها، فالظاهر أن المؤلّف أشار بالترجمة إلى ذلك، وأجاب ابن المنير بأنه عليه الصلاة والسلام، لما قال له: اركع حتى تطمئن راكعًا إلى آخر ما ذكر له من الأركان، اقتضى ذلك تساويها في الحكم لتناول الأمر كل فرد منها، فكل من لم يتم ركوعه أو سجوده، أو غير ذلك مما ذكر مأمور بالإعادة. اهـ. وهذا الحديث قد سبق في باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم. 123 - باب الدُّعَاءِ فِي الرُّكُوعِ (باب الدعاء في الركوع). .