740 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى يَكُونَ آخِرَ صَلَاتِهِ الْوِتْرُ»

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلاَةِ. قَالَ أَبُو حَازِمٍ لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ يَنْمِي ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-". قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يُنْمَى ذَلِكَ" وَلَمْ يَقُلْ "يَنْمِي". وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) إمام دار الهجرة (عن أبي حازم) بالحاء المهملة، ابن دينار الأعرج (عن سهل بن سعد) بسكون العين الساعدي الأنصاري (قال: كان الناس يؤمرون)، الآمر لهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أن) أي: بأن (يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة) أي يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى، والرسغ من الساعد. كما في حديث واثلة المروي عند أو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة. والحكمة في ذلك أن القائم بين يدي الملك الجبار يتأدب بوضع يده على يده، أو هو أمنع للعبث، وأقرب إلى الخشوع. والرسغ المفصل بين الساعد والكف، والسُّنّة أن يجعلهما تحت صدره. الحديث عند ابن خزيمة: أنه وضعهما تحت صدره. لأن القلب موضع النية، والعادة أن من احترز على حفظ شيء جعل يديه عليه. وقال في عوارف المعارف: إن الله تعالى بلطيف حكمته جعل الآدمي محل نظره، ومورد وحيه، ونخبة ما في أرضه وسمائه، روحانيًّا جسمانيًّا، أرضيًا سماويًّا، منتصب القامة، مرتفع الهيئة، فنصفه الأعلى من حدّ الفؤاد مستودع أسرار السماوات، ونصفه التحتاني مستودع أسرار الأرض، فمحل نفسه ومركزها النصف الأسفل، ومحل روحه الروحاني، والقلب النصف الأعلى، فجواذب الروح مع جواذب النفى يتطاردان ويتجاذبان ويتحاربان، وباعتبار تطاردهما وتغالبهما لمة الملك ولمة الشيطان، ووقت الصلاة يكثر التطارد لوجوب التجاذب بين الإيمان والطبع، فيكاشف المصلي الذي صار قلبه سماويًّا مترددًا بين الفناء والبقاء بجواذب النفس، متصاعدًا من مركزها، وللجوارح وتصرفها وحركتها مع معاني الباطن ارتباط وموازنة، فبوضع اليمنى على الشمال حصر النفس ومنع من صعود جواذبها، وأثر ذلك يظهر برفع الوسوسة، وزوال حديث النفس في الصلاة. وروى ابن القاسم، عن مالك، الإرسال وصار إليه أكثر أصحابه، وعن الحنفية: يضع يديه تحت سرّته إشارة إلى ستر العورة بين يدي الله تعالى، وكان الأصل أن يقول: يضعون فوضع المظهر موضع المضمر. (قال أبو حازم) الأعرج: (لا أعلمه) ولابن عساكر: ولا أعلمه، أي الأمر (إلاّ) أن سهلاً (ينمي ذلك) بفتح أوله، أي: يسنده ويرفعه (إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال إسماعيل) هو ابن أبي أويس، لا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ولابن عساكر: قال محمد: قال إسماعيل، ويعني بمحمد المؤلّف (ينمي ذلك) بضم الياء وفتح الميم، بالبناء للمفعول (ولم يقل) أبو حازم: (ينمي) بفتح أوله وكسر الميم، كرواية القعنبي. ولما فرغ من الكلام في وضع اليمنى على اليسرى، وهي صفة السائل الذليل، وأنه أقرب إلى الخشوع، شرع يذكر الخشوع، حثًّا للمصلّي على ملازمتهفقال. 88 - باب الْخُشُوعِ فِي الصَّلاَةِ (باب الخشوع في الصلاة). الصلاة صلة العبد بربه، فمن تحقّق بالصلة في الصلاة لمعت له طوالع التجلي، فيخشع. وقد شهد القرآن بفلاح مُصلِّ خاشع قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1، 2]. أي: خائفون من الله، متذللون له، يلزمون أبصارهم مساجدهم. وعلامة ذلك أن لا يلتفت الصلي يمينًا ولا شمالاً. ولا يجاوز بصره موضع سجوده. صلّى بعضهم في جامع البصرة فسقطت ناحية من المسجد، فاجتمع الناس عليها ولم يشعر هو بها. والفلاح أجمع اسم لسعادة الآخرة، وفقد الخشوع ينفيه، وقد قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14]. وظاهر الأمر الوجوب، فالغفلة ضد، فمن غفل في جميع صلاته كيف يكون مقيمًا للصلاة لذكره تعالى، فافهم واعمل، فليقبل العبد على ربه، ويستحضر بين يدي من هو واقف. كان مكتوبًا في محراب داود عليه الصلاة والسلام، أيها المصلي، من أنت ولمن أنت؟ وبين يدي من أنت، ومن تناجي؟ ومن يسمع كلامك، ومن ينظر إليك؟ وقال الخراز: ليكن إقبالك على الصلاة كإقبالك على الله يوم القيامة، ووقوفك بين يديه وهو مقبل عليك وأنت تناجيه. .