69 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو التَّيَّاحِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا». [اللحديث طرفه في: 6125]. وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة ابن داود الملقب ببندار بضم الموحدة وسكون النون وبالدال المهملة العبدي نسبة إلى عبد مضر بن كلاب البصري، المتوفى في رجب سنة اثنتين وخمسين ومائتين (قال: حدّثنا يحيى) وفي رواية أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت (ابن سعيد) أي الأحول القطان (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو التياح) بفتح المثناة الفوقية وتشديد التحتية آخره مهملة يزيد بن حميد بالتصغير الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة نسبة إلى ضبعة بن يزيد، المتوفى سنة سبع وعشرين ومائة (عن أنس) أي ابن مالك كما في رواية الأصيلي (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال): (يسروا) أمر من اليسر نقيض العسر (ولا تعسروا) نهي من عسر تعسيرًا، واستشكل الإتيان بالثاني بعد الأوّل لأن الأمر بالإتيان بالشيء نهي عن ضده. وأجيب بأنه إنما صرح باللازم للتأكيد وبأنه لو اقتصر على الأول لصدق على من أتى به مرة وأتى بالثاني غالب أوقاته، فلما قال: ولا تعسروا انتفى التعسير في كل الأوقات من جميع الوجوه، (وبشروا) أمر من البشارة وهي الإخبار بالخير نقيض النذارة (ولا تنفروا) نهي من نفر بالتشديد أي بشروا الناس أو المؤمنين بفضل الله وثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته، ولا تنفروهم بذكر التخويف وأنواع الوعيد لا يقال كان المناسب أن يأتي بدل ولا تنفروا ولا تنذروا لأنه نقيض التبشير لا التنفير لأنهم قالوا: المقصود من الإنذار التنفير، فصرّح بما هو المقصود منه ولم يقتصر على أحدهما كما لم يقتصر في الأوّلين لعموم النكرة في سياق النفي، لأنه لا يلزم من عدم التعسير ثبوت التيسير، ولا من عدم التنفير ثبوت التبشير، فجمع بين هذه الألفاظ لثبوت هذه المعاني لا سيما والمقام مقام إطناب، وفي قوله: بشروا بعد يسروا الجناس الخطي. 12 - باب مَنْ جَعَلَ لأَهْلِ الْعِلْمِ أَيَّامًا مَعْلُومَة هذا (باب من جعل لأهل العلم أيامًا معلومة) بالجمع في الأول والإفراد في الثاني أو بالجمع فيهما أو بالإفراد فيهما، فالأوّل لكريمة، والثاني للكشميهني، والثالث لغيرهما، وباب خبر مبتدأ محذوف ومضاف لتاليه. 70 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) هو عثمان بن محمد بن إبراهيم بن أبي شيبة بن عثمان بن خواستي بضم الخاء المعجمة وبعد الألف سين مهملة ساكنة ثم مثناة فوقية العبسي الكوفي، المتوفى لثلاث بقين من المحرم سنة تسع وثلاثين ومائتين (قال: حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد بن قرط العبسي الكوفي، المتوفى في سنة ثمان أو سبع وثمانين ومائة (عن منصور) هو ابن المعتمر بن عبد الله المتوفى سنة ثلاث أو اثنتين وثلاثين ومائة (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه (قال): (كان عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه (يذكر الناس في كل خميس فقال له) أي لابن مسعود (رجل). قال في فتح الباري: يشبه أن يكون هو يزيد بن عبد الله النخعي (يا أبا عبد الرحمن) وهو كنية ابن مسعود (لوددت) أي والله لأحببت (أنك) بفتح الهمزة مفعول سابقه (ذكرتنا) بتشديد الكاف (كل) أي في كل (يوم). قاله استحلاء للذكر لما وجد من بركته ونوره. (قال) عبد الله: (أما) بفتح الهمزة وتخفيف الميم حرفتنبيه عند الكرماني واستفتاح بمنزلة ألا أو بمعنى حقًا عند غيره (إنّه) بكسر الهمزة أو بفتحها على قول إن أما بمعنى حقًّا والضمير للشأن (يمنعني من ذلك أني) بفتح الهمزة فاعل يمنعني (أكره أن أُملكم) بضم الهمزة وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة أي أكره إملالكم وضجركم (وإني) بكسر الهمزة (أتخولكم) بالخاء المعجمة أي أتعهدكم (بالموعظة كما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يتخوّلنا بها) أي بالموعظة في مظان القبول ولا يكثر (مخافة السآمة علينا) إما أن يتعلق بالمخافة أو بالسآمة. وزعم بعضهم أن الصواب يتحوّلنا بالحاء المهملة، لكن الروايات الصحيحة بالخاء المعجمة. 13 - باب مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ هذا (باب) بالتنوين (من) أي الذي (يرد الله به خيرًا) بالنصب مفعول يرد المجزوم لأنه فعل الشرط إذ الموصول متضمن معنى الشرط وكسر لالتقاء الساكنين وجواب الشرط (يفقهه) فالهاء ساكنة، وفي رواية للكشميهني زيادة (في الدين) وهي ساقطة عند الباقين، والفقه في الأصل الفهم يقال: فقه الرجل بالكسر يفقه فقهًا إذا فهم وعلم، وفقه بالضم إذا صار فقيهًا عالمًا وجعله العرف خاصًّا بعلم الشريعة ومخصصًا بعلم الفروع وإنما خصّ علم الشريعة بالفقه لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة والأقيسة والنظر الدقيق بخلاف علم اللغة والنحو وغيرهما. روي: أن سليمان نزل على نبطية بالعراق فقال لها: هل هنا مكان نظيف أصلي فيه؟ فقالت: طهّر قلبك وصلِّ حيث شئت. فقال: فقهت وفطنت الحق، ولو قال: علمت لم يقع هذا الموقع، ومفهومه أن من لم يتفقه في الدين فقد حرم الخير. .