553 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا وَاصِلٌ، مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ أُمَّتِي حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا، فَوَجَدْتُ فِي مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الْأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ فِي مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ، لَا تُدْفَنُ»
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: كُنَّا مَعَ بُرَيْدَةَ فِي غَزْوَةٍ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ، فَقَالَ: بَكِّرُوا بِصَلاَةِ الْعَصْرِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَنْ تَرَكَ صَلاَةَ الْعَصْرِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ». [الحديث طرفه في: 594]. وبالسند قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي البصري وسقط عند الأصيلي ابن إبراهيم (قال: حدّثنا) ولأبي ذر وابن عساكر أخبرنا (هشام) هو ابن عبد الله الدستوائي (قال: حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة الطائي اليمامي (عن أبي قلابة) بكسر القاف عبد الله بن زيد (عن أبي المليح) بفتح الميم وكسر اللام آخره حاء مهملة عامر بن أسامة الهذلي (قال: كنّا مع بريدة) بن الحصيب الأسلمي آخر من مات من الصحابة رضي الله عنهم بخراسان سنة اثنتين وستين حال كوننا (في غزوة) وحال كوننا (في يوم ذي غيم، فقال): بريدة بعد معرفته بدخول الوقت بظهور الشمس في خلال الغيم أو بالاجتهاد بورد أو نحوه (بكروا) أي عجلوا وأسرعوا (بصلاة العصر فإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (من ترك صلاة العصر) أي متعمدًا كما زاده معمر في روايته (فقد حبط عمله) أي ثواب عمله أورده على سبيل التغليظ أو فكأنما حبط عمله لأن الأعمال لا يحبطها إلا الشرك. قال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِط عمله} [المائدة: 5] ووقع في رواية المستملي: من ترك صلاة العصر حبط عمله بإسقاط فقد، وإنما خص الغيم بذلك لأنه مظنة التأخير تنطعًا في الاحتياط وإخلادًا من النفس إلى التأخير الزائد على الحد بحجة الاحتياط فقابل ما في الطباع بالتنبيه على مخالفتها والاجتهاد في التلوّم إليها بالتحرّي بحسب الإمكان. قاله في المصابيح. ورواة هذا الحديث الستة بصريون، وفيه التحديث والقول وثلاثة من التابعين على الولاء، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والنسائي وابن ماجة. 16 - باب فَضْلِ صَلاَةِ الْعَصْرِ (باب فضل صلاة العصر) على غيرها من الصلوات لكونها الوسطى عند الأكثرين. 554 - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً -يَعْنِي الْبَدْرَ- فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لاَ تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا. ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}. قَالَ إِسْمَاعِيلُ: افْعَلُوا، لاَ تَفُوتَنَّكُمْ. [الحديث 554 - أطرافه في: 573، 4851، 7434، 7435، 7436]. وبالسند قال: (حدّثنا الحميدي) بضم الحاء عبد الله بن الزبير القرشي المكّي (قال: حدّثنا مروان بن معاوية) بن الحرث الفزاري (قال: حدّثنا إسماعيل) بن أبي خالد (عن قيس) هو ابن أبي حازم بالحاء المهملة البجلي الكوفي المخضرم ويقال له رؤية: قال في التقريب: قيس بن أبي حازم يقال له رؤية. ويقال أنه يروي عن العشرة، توفي بعد التسعين أو قبلها وقد جاوز المائة وتغير. (عن جرير) البجلي رضي الله عنه ولأبي الوقت والهروي والأصيلي عن جرير بن عبد الله (قال: كنا مع) وفي رواية وهي في اليونينية فقط عند (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فنظر إلى القمر ليلة) أي في ليلة من الليالي (يعني البدر) وسقط يعني البدر عند الأربعة وهو كذلك عند مسلم كالمؤلّف من وجه آخر: (فقال): (إنكم سترون ربكم) عز وجل (كما ترون هذا القمر) رؤية محققة لا تشكون فيها (ولا تضامون) بضم المثناة الفوقية وتخفيف الميم أي لا ينالكم ضيم في رؤيته أي تعب أو ظلم فيراه بعضكم دون بعض بأن يدفعه عن الرؤية ويستأثر بها بل تشتركون في الرؤية فهو تشبيه للرؤية بالرؤية لا المرئي بالمرئي. وروي لا تضامون بفتح أوله مع التشديد من الضم أي لا ينضم بعضكم إلى بعض وقت النظر لإشكاله وخفائه كما تفعلون عند النظر إلى الهلال ونحوه وفي رواية أولاً تضاهون بالهاء بدل الميم على الشك أي لا يشتبه عليكم وترتابون فيعارض بعضكم بعضًا. (في رؤيته) تعالى (فإن استطعتم أن لا تغلبوا) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول بأن تستعدوا لقطع أسبابها أي الغلبة المنافية للاستطاعة كنوم وشغل مانع (على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) يعني الفجر والعصر كما عند مسلم (فافعلوا) عدم المغلوبية التي لازمها الصلاة كأنه قال صلوا في هذين الوقتين. (ثم قرأ): عليه الصلاة والسلام{وسبح} كما هو ظاهر السياق أو هو جرير الصحابي كما عند مسلم فيكون مدرجًا وللهروي وأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر فسبح بالقاء لكن التلاوة وسبح بالواو {بحمد ربك} أي نزهه عن العجز عما يمكن والوصف بما يوجب التشبيه حامدًا له على ما أنعم عليك {قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]. يعني الفجر والعصر وقد عرفت فضيلة الوقتين على غيرهما مما سيأتي إن شاء الله تعالى من ذكر اجتماع الملائكة فيهما ورفع الأعمال إلى غير ذلك، وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح وإن الأعمال ترفع آخر النهار، فمن كان حينئذ في طاعة ربه بورك له في رزقه وعمله وأعظم من ذلك بل من كل شيء وهو مجازاة المحافظة عليهما بأفضل العطايا وهو النظر إلى وجه الله تعالى كما يشعر به سياق الحديث. (قال إسماعيل) بن أبي خالد في تفسيره: (افعلوا لا تفوتنكم) بنون التوكيد أي هذه الصلاة. وفي رواية لا يفوتنكم بالمثناة التحتية. ومباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله ورواته الخمسة ما بين مكي وكوفي وفيه تابعي عن تابعي والتحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا في الصلاة والتفسير والتوحيد ومسلم في الصلاة وأبو داود. .