540 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ، ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ - قَالَ قُتَيْبَةُ: يُصَلِّي - فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ: «إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي» وَهُوَ مُوَجِّهٌ حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَىْءٍ إِلاَّ أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِي هَذَا». فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي». فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: «أَبُوكَ حُذَافَةُ». ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: «سَلُونِي». فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: «عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ، فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ». وبالسند قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة بالمهملة والزاي (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (قال: أخبرني) بالإفراد وللأصيلي بالجمع (أنس بن مالك) رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: خرج حين زاغت الشمس) أي مالت وللترمذي زالت أي عن أعلى درجات ارتفاعها. قال أبو طالب في القوت والزوال ثلاثة: زوال لا يعلمه إلا الله تعالى، وزوال تعلمه الملائكة المقربون، وزوال يعلمه الناس. قال: وجاء في الحديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. سأل جبريل صلوات الله وسلامه عليه هل زالت الشمس؟ قال: لا نعم. قال: ما معنى لا نعم؟ قال: يا رسول الله قطعت الشمس من فلكها بين قولي لا نعم مسيرة خمسمائة عام، أن الزوال الذي يعرفه الناس يعرف بمعرفة أقل الظل وطريقه بأن تنصب قائمًا معتدلاً في أرض معتدلة وتنظر إلى ظله في جهة المغرب وظله فيها أطول ما يكون غدوة وتعرف منتهاه، ثم كلما ارتفعت نقص الظل حتى تنتهي إلى أعلى درجات ارتفاعها فتقف وقفة الظل لا يزيد ولا ينقص وذلك وقت نصف النهار ووقت الاستواء، ثم تميل إلى أول درجات انحطاطها في الغروب فذلك هو الزوال وأوّل وقت الظهر (فصلّى الظهر،) في أول وقتها، ولم ينقل أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى قبل الزوال، وعليه استقرّ الإجماع وهذا لا يعارض حديث الإبراد لأنه ثبت بالقول وذاك بالفعل والقول فيرجح عليه. وقال البيضاوي: الإبراد تأخير الظهر أدنى تأخير بحيث لا يخرج عن حد التهجير فإن الهاجرة تطلق على الوقت إلى أن يقرب العصر (فقام) بعد فراغه من الصلاة (على المنبر) لما بلغه أن قومًا من المنافقين يسألون منه ويعجزونه عن بعض ما يسألونه (فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورًا عظامًا، ثم قال:) عليه الصلاة والسلام: (من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل،) أي فليسألني عنه (فلا) وللأصيلي لا (تسألوني عن شيء) بحذف نون الوقاية (إلاّ أخبرتكم) به (ما دمت في مقامي هذا.) بفتح ميم مقامي، واسم الإشارة ساقط عند أبي ذر والأصيلي وأبي الوقت وابن عساكر، واستعمل الماضي في قوله أخبرتكم موضع المستقبل إشارة إلى أنه كالواقع لتحقّقه، (فأكثر الناس في البكاء،) خوفًا من نزول العذاب العامّ المعهود في الأمم السالفة عند ردّهم على أنبيائهم بسبب تغيظه عليه الصلاة والسلام من مقالة المنافقين السابقة آنفًا، أو سبب بكائهم ما سمعوه من أهوال يوم القيامة والأمور العظام والبكاء بالمد مد الصوت في البكاء وبالقصر الدموع وخروجها، (وأكثر) عليه الصلاة والسلام (أن يقول: سلوني) ولأبي ذر والأصيلي سلوا أي أكثر القول بقوله: سلوني (فقام عبد الله بن حذافة السهمي) بضم الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة والسهمي بفتح السين المهملة وسكون الهاء المهاجري (فقال:) يا رسول الله (من أبي؟ قال) عليه الصلاة والسلام: (أبوك حذافة)وكان يدعى لغير أبيه (ثم كثر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (أن يقول: (سلوني) (فبرك عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (على ركبتيه) بالتثنية (فقال) ولابن عساكر قال: (رضينا بالله ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمدٍ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (نبيًّا. فسكت.) عليه الصلاة والسلام (ثم قال) (عرضت) بضم العين وكسر الراء (عليّ الجنة والنار آنفًا) بمد الهمزة والنصب على الظرفية لتضمنه معنى الظرف أي في أوّل وقت يقرب مني وهو الآن "في عُرض هذا الحائط بضم العين المهملة وسكون الراء أي جانبه وناحيته وعرضهما أما بأن تكونا رفعنا إليه، أو زوى له ما بينهما أو مثلاً له، وتأتي مباحثه إن شاء الله تعالى. (فلم أر) أي لم أبصر (كالخير) الذي في الجنة (والشر) الذي في النار أو ما أبصرت شيئًا كالطاعة والمعصية في سبب دخول الجنة والنار. .