44 - وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ - وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ: الرَّجُلُ - حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ "

حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، ويَخرُجُ مِن النارِ من قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «مِنْ إِيمَانٍ» مَكَانَ «مِنْ خَيْرٍ». [الحديث أطرافه في: 4476، 6565، 7410، 7440، 7509، 7510، 7516]. وبالسند إلى المؤلف قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) بضم ميم مسلم وكسر لامه مخففًا أبو عمرو البصري الأزدي الفراهيدي بفتح الفاء وبالراء وبالهاء المكسورة والمثناة التحتية والدال المهملة، وعند ابن الأثير بالمعجمة بطن من الأزد مولاهم القصاب أو الشحام، المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومائتين (قال: حدّثنا هشام) بكسر الهاء ابن أبي عبد الله سندر الربعي بفتح الراء والموحدة نسبة إلى ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان البصري الدستوائي بفتح الدال وإسكان السين المهملتين بعدهما مثناة فوقية مفتوحة أو مضمومة مهموز من غير نون نسبة إلى كورة من كور الأهواز لبيعه الثيات المجلوبة منها، المتوفى سنة أربع وخمسين ومائة، وكان يرمى بالقدر لكنه لم يكن داعية (قال: حدّثنا قتادة) بن دعامة (عن أنس) هو ابن مالك رضي الله عنه (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (يخرج من النار) بفتح المثناة التحتية من الخروج، وفي رواية الأصيلي وأبي الوقت يخرج بضمها من الإخراج في جميع الحديث فالتالي وهو (من قال) في محل رفع على الوجهين، فالرفع على الأوّل على الفاعلية، وعلى الثاني على النيابة عن الفاعل ومن موصولة ولاحقها جملة صلتها ومقول القول (لا اله إلاّ الله) أي مع قول محمد رسول الله، فالجزء الأوّل علم على المجموع كـ {قل هو الله أحد} على السورة كلها أو أن هذا كان قبل مشروعية ضمها إليه كما قاله العيني كالكرماني وفي ذلك نظر على ما لا يخفى. (وفي قلبه وزن شعيرة من خير) أي من إيمان كما في الرواية الأخرى. والمراد به الإيمان بجميع ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلاموالجملة في موضع الحال، والتنوين في خير للتقليل المرغب في تحصيله إذ إنه إذا حصل الخروج بأقل مما ينطلق عليه اسم الإيمان فبالكثير منه أحرى. فإن قلت: الوزن إنما يتصوّر في الأجسام دون المعاني. أجيب: بأن الإيمان شبّه بالجسم فأضيف إليه ما هو من لوازمه وهو الوزن، والمراد بالقول هنا النفسي. نعم الإقرار لا بدّ منه ولذا أعاده في كل مرة. (ويخرج من النار من قال: لا إله إلاّ الله) محمد رسول الله (وفي قلبه وزن برة) بضم الموحدة وتشديد الراء المفتوحة وهي القمحة (من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلاّ الله) محمد رسول الله (وفي قلبه وزن ذرة من خير) بفتح الذال المعجمة وتشديد الراء المفتوحة واحدة الذر وهو كما في القاموس: صغار النمل ومائة منها زنة حبة شعير انتهى. ولغيره أن أربع ذرّات وزن خردلة أو هو الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر وهو الساقط من التراب بعد وضع كفّك فيه ونفضها، ونسب هذا الأخير لابن عباس، فوزن الذرة هو التصديق الذي لا يجوز أن يدخله النقص، وما في البرة والشعيرة من الزيادة على الذرة فإنما هو من زيادة الأعمال التي يكمل التصديق بها وليست زيادة في نفس التصديق قاله المهلب. وقال في الكواكب: وإنما أضاف هذه الأجزاء التي في الشعيرة والبرة الزائدة على الذرة إلى القلب لأنه لا كان الإيمان التامّ إنما هو قول وعمل، والعمل لا يكون إلا بنية وإخلاص من القلب، فلذا جاز أن ينسب العمل إلى القلب إذ تمامه بتصديق القلب. فإن قلت: التصديق القلبيّ كافٍ في الخروج إذ المؤمن لا يخلد في النار، وأما قوله: لا إله إلاّ الله فلإجراء أحكام الدنيا عليه فما وجه الجمع بينهما؟ أجيب: بأن المسألة مختلف فيها فقال جماعة لا يكفي مجرد التصديق، بل لا بدّ من القول والعمل أيضًا وعليه البخاري، أو المراد بالخروج هو بحسب حكمنا به أي الحكم بالخروج لمن كان في قلبه إيمان ضامًّا إليه عنوانه الذي يدل عليه إذ الكلمة هي شعار الإيمان في الدنيا وعليه مدار الأحكام فلا بدّ منهما حتى يصحّ الحكم بالخروج انتهى. وقال ابن بطال: التفاوت في التصديق على قدر العلم والجهل فمن قلَّ علمه كان تصديقه مثلاً بمقدار ذرّة، والذي فوقه في العلم تصديقه بمقدار برة أو شعيرة إلا أن التصديق الحاصل في قلب كل واحد منهم لا يجوز عليه النقصان وتجوز عليه الزيادة بزيادة العلم والمعاينة. وبالجملة؛ فحقيقة التصديق واحدة لا تقبل الزيادة والنقصان وقدّم الشعيرة على البرة لكونها أكبر جرمًا منها وأخّر الذرّة لصغرها، فهو من باب الترقي في الحكم وإن كان من باب التنزل. وفي هذا الحديث الدلالة على زيادة الإيمان ونقصانه ودخول طائفة من عصاة الموحدين النار، وأن الكبيرة لا يكفر من عملها ولا يخلد في النار، ورواته كلهم أئمة أجلاّء بصريون وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه البخاري أيضًا في التوحيد، ومسلم في الإيمان، والترمذي في صفة جهنم وقال: حسن صحيح. (قال أبو عبد الله) البخاري وفي رواية ابن عساكر بحذف قال أبو عبد الله كما في الفرع، وأصله (قال أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة بالصرف على أنه فعال كغزال والهمزة أصل وهي فاء الكلمة والمنع على أنها زائدة ووزنه أفعل فمنع لوزن الفعل والعلمية واختاره ابن مالك بن يزيد العطار البصري وللأربعة، وقال أبان بواو العطف (حدّثنا قتادة) بن دعامة قال: (حدّثنا أنس) هو ابن مالك (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من إيمان مكان خير). وللأصيلي من خير، وهذا من التعليقات وقد وصله الحاكم في كتاب الأربعين له من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا أبان، ونبّه المؤلف به على تصريح زيادة فيه بالتحديث عن أنس، لأن قتادة مدلس لا يحتج بعنعنته إلا إذا ثبت سماعه للذي عنعن عنه، وعلى تفسير المتن بقوله: من إيمان بدل قوله من خير. .