426 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، - وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ قَالَ ابْنُ حُجْرٍ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي إِمَامُكُمْ، فَلَا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلَا بِالسُّجُودِ، وَلَا بِالْقِيَامِ وَلَا بِالِانْصِرَافِ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ أَمَامِي وَمِنْ خَلْفِي» ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُمْ مَا رَأَيْتُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا» قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «رَأَيْتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ»

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي شَأْنِهِ كُلِّهِ: فِي طُهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ". وبالسند قال: (حدّثنا سليمان بن حرب، قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الأشعث) بالمعجمة ثم المهملة ثم المثلثة (ابن سليم) بضم السين المهملة وفتح اللام (عن أبيه) سليم (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عائشة) رضي الله عنها (قالت): (كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب التيمن) أي البداءة باليمين (ما استطاع) أي ما دام مستطيعًا واحترز به عما لا يستطاع فيه التيمن شرعًا كالخروج من المسجد والدخول للخلاء وتعاطي المستقذرات كالاستنجاء والتمخط أو ما موصولة بدل من التيمن والمحبة، وإن كانت من الأمور الباطنة فلعلها فهمت بالقرائن حبه لذلك، أو أخبرها عليه الصلاة والسلام به (في شأنه كله في طهوره) بضم الطاء أي طهره (و) في (ترجله) بالجيم (و) في (تنعله) بتشديد العين أي تمشيطه الشعر ولبسه النعل، وعمّ بقوله في شأنه كله ثم خصّ هذه الثلاثة بالذكر اهتمامًا بشأنها والجار وتاليه بدل من شأنه بدل البعض من الكل، وفي شأنه متعلق بالتيمن أو بالمحبة أو بهما فيكون من باب التنازع. وهذا الحديث أخرجه المؤلّف في اللباس والأطعمة، وكذا أخرجه غيره كما مرّ في باب التيمن في الوضوء والغسل. 48 - باب هَلْ تُنْبَشُ قُبُورُ مُشْرِكِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَيُتَّخَذُ مَكَانَهَا مَسَاجِدَ؟ لِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ». وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الصَّلاَةِ فِي الْقُبُورِ، وَرَأَى عُمَرُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ: الْقَبْرَ الْقَبْرَ. وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ. هذا (باب) بالتنوين (هل تنبش قبور مشركي الجاهلية) الاستفهام للتقرير كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] أي يجوز نبشها لأنه لا حرمة لهم (ويتخذ مكانها مساجد) بالنصب مفعولاً ثانيًا ليتخذ المبني للمفعول ومكانها المفعول الأول وهو مرفوع نائب عن الفاعل، وفي رواية مساجد بالرفع نائبًا عن الفاعل في يتخذ ومكانها نصب على الظرفية فيتخذ متعدّ إلى مفعول واحد (لقول النبي) أي لأجل قوله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الموصول عند المؤلّف في أواخر المغازي كما سيأتي إن شاء الله تعالى: (لعن الله اليهود) لأجل كونهم (اتخذوا قبور أنبيانهم مساجد) سواء نبشت لما فيه من الاستهانة أو لم تنبش لما فيه من المغالاة في التعظيم بعبادة قبورهم والسجود لها، وكلاهما مذموم. ويلتحق بهم أتباعهم وحينئذ فيجوز نبش قبور المشركين الذين لا ذمة لهم واتخاذ المساجد مكانها لانتفاء العلّتين المذكورتين إذ لا حرج في استهانتها بالنبش واتخاذ المساجد مكانها وليس تعظيمًا لها، وإنما هو من قبيل تبديل السيئة بالحسنة، وعلى هذا فلا تعارض بين فعله عليه الصلاة والسلام فى نبش قبور المشركين واتخاذ مسجده مكانها، وبين لعنه عليه الصلاة والسلام من اتخذ قبور الأنبياء مساجد لما ذكر من الفرق. وفي هذا الحديث الاقتصار على لعن اليهود. فيكون قوله: اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد واضحًا، فإن النصارى لا يزعمون نبوّة عيسى، بل يدّعون فيه أنه ابن أو إله أو غير ذلك على اختلاف مِللهم الباطلة، ولا يزعمون موته حتى يكون له قبر، وأما من قال منهم: أنه قتل فله في ذلك كلام مشهور في موضعه، فتشكل حينئذ الرواية الآتية إن شاء الله تعالى في الباب التالي لباب الصلاة في البيعة، وفي أواخر المغازي بلفظ: لعن الله اليهود والنصارى، وتعقيبه بقوله: اتخذوا، ويأتي الجواب عن ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى. (وما يكره من الصلاة في القبور) سواء كانت عليها أو إليها أو بينها. فإن قلت: كيف عطف هذه الجملة الخبرية على جملة الاستفهام الطلبية؟ أجيب بأن جملة الاستفهام التقريري في حكم الخبرية. (ورأى عمر) أن ابن الخطاب رضي الله عنه كما في رواية الأصيلي (أنس بن مالك) رضي الله عنه (يصلّي عند قبر فقال: القبر القبر) بالنصب فيهما على التحذير محذوف العامل وجوبًا أي اتّق أو اجتنب القبر، (ولم يأمره بالإعادة) أي لم يأمر عمر أنسًا بإعادة صلاته تلك، فدلّ علىالجواز لكن مع الكراهة لكونه صلّى على نجاسة، ولو كان بينهما حائل، وهذا مذهب الشافعية أولاً كراهة لكونه صلّى مع الفرش على النجاسة مطلقًا كما قاله القاضي حسين، وقال ابن الرفعة: الذي دلّ عليه كلام القاضي أن الكراهة لحرمة الميت أما لو وقف بين القبور بحيث لا يكون تحته ميت ولا نجاسة فلا كراهة إلاّ في المنبوشة فلا تصح الصلاة فيها. قال في التوشيح: ويستثنى مقبرة الأنبياء فلا كراهة فيها لأن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم، وأنهم أحياء في قبورهم يصلّون، ولا يشكل بحديث: (لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) لأن اتخاذها مساجد أخص من مجرد الصلاة فيها، والنهي عن الأخص لا يستلزم النهي عن الأعم، قال في التحقيق: ويحرم أن يصلّي متوجهًا إلى قبره عليه الصلاة والسلام، ويكره إلى غيره مستقبل آدميّ لأنه يشغل القلب غالبًا، ويقاس بما ذكر فى قبره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سائر قبور الأنبياء -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولم يرَ مالك بالصلاة في المقبرة بأسًا، وذهب أبو حنيفة إلى الكراهة مطلقًا، وقال في تنقيح المقنع: ولا تصحّ الصلاة تعبدًا في مقبرة غير صلاة الجنازة ولا يضرّ قبران ولا ما دفن بداره. .