398 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ، قَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ - أَوِ الْعَصْرِ - فَقَالَ: «أَيُّكُمْ قَرَأَ خَلْفِي بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى؟» فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ، قَالَ: «قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ بَعْضَكُمْ خَالَجَنِيهَا»

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ. فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ». [الحديث أطرافه في: 1601، 3351، 3352، 4288]. وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن نصر) نسبة إلى جدّه لشهرته به وإلاّ فأبوه إبراهيم السعدي (قال: حدّثنا عبد الرزّاق) بن همام (قال: أخبرنا) وللأصيلي وأبي الوقت حدّثنا (ابن جريح) نسبة إلى جدّه لشهرته به واسمه عبد الملك بن عبد العزيز (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (قال: سمعت ابن عباس) رضي الله عنهما (قال): (لما دخل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- البيت دعا في نواحيه كلها) جمع ناحية وهي الجهة (ولم يصل) فيه (حتى خرج منه) ورواية بلال المثبت أرجح من نفي ابن عباس هذا، لا سيما أن ابن عباس لم يدخل، وحينئذٍ فيكون مرسلاً لأنه أسنده عن غيره ممن دخل مع النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-الكعبة فهو مرسل صحابيّ، (فلما خرج) عليه الصلاة والسلام منه (ركع) أي صلّى (ركعتين) فأطلق الجزء وأراد به الكل (في قبل الكعبة) وما استقبله منها وهو وجهها بضم القاف والموحدة وقد تسكن (وقال) عليه الصلاة والسلام (هذه) أي الكعبة هي (القبلة) التي استقر الأمر على استقبالها فلا تنسخ كما نسخ بيت المقدس أو علمهم بذلك سنة موقف الإمام في وجهها دون أركانها وجوانبها الثلاثة، وإن كان الكل جائزًا أو أن من حكم من شاهد البيت وجوب مواجهة عينه جزمًا بخلاف الغائب أو أن الذي أمرتم باستقباله ليس هو الحرم كله ولا مكة ولا المسجد حول الكعبة بل الكعبة نفسها. ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين مدني وصنعاني ومكّي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والسماع، وأخرجه مسلم في المناسك والنسائي. 31 - باب التَّوَجُّهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ حَيْثُ كَانَ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَكَبِّرْ». (باب التوجه) في صلاة الفرض (نحو القبلة) أي جهتها (حيث كان) أي وجد المصلي في سفر أو حضر. (وقال أبو هريرة) رضي الله عنه مما وصله المؤلّف في الاستئذان من جملة حديث المسيء صلاته (قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: استقبل القبلة) حيث كنت (وكبّر) بكسر الباء الموحدة فيهما على الأمر وكبر بالواو، وللأربعة فكبر، وفي رواية الأصيلي: قام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استقبل فكبّر بالميم وفتح الموحدة فيهما. 399 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ -أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ- شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ -وَهُمُ الْيَهُودُ- {مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ مَا صَلَّى فَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ مِنَ الأَنْصَارِ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ: هُوَ يَشْهَدُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّهُ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ. فَتَحَرَّفَ الْقَوْمُ حَتَّى تَوَجَّهُوا نَحْوَ الْكَعْبَةِ". وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن رجاء) بتخفيف الجيم الغداني بضم الغين المعجمة (قال: حدّثنا إسرائيل) بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الكوفي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفيجدّ إسرائيل (عن البراء بن عازب) رضي الله عنهما ثبت ابن عازب عند أبي ذر عن المستملي (قال): (كان رسول الله) وللأصيلي النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نحو) أي جهة (بيت المقدس) بالمدينة (ستة عشر شهرًا أو سبعة عشر شهرًا) من الهجرة وكان ذلك بأمر الله تعالى له قاله الطبري، ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس عند أحمد من وجه آخر أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصلّي بمكة نحو بيت المقدس، والكعبة بين يديه بحمل الأمر في المدينة على الاستمرار باستقبال بيت المقدس، وفي حديث الطبري من طريق ابن جريج قال: أوّل ما صلّى إلى الكعبة ثم صرف إلى بيت المقدس وهو بمكة فصلّى ثلاث حجج، ثم هاجر فصلّى إليه بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرًا ثم وجّهه الله تعالى إلى الكعبة. (وكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب أن يوجه) بضم أوّله وفتح الجيم مبنيًّا للمفعول أي يؤمر بالتوجّه (إلى الكعبة) وفي حديث ابن عباس عند الطبري: وكان يدعو وينظر إلى السماء (فأنزل الله عز وجل: {قد نرى تقلّب وجهك في السماء} [البقرة: 144] تردد وجهك في جهة السماء تطلعًا للوحي، وكان عليه الصلاة والسلام يقع في روعه، ويتوقع من ربه أن يحوّله إلى الكعبة لأنها قبلة أبيه إبراهيم، وذلك يدل على كمال أدبه حيث انتظر ولم يسأل قاله البيضاوي (فتوجّه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد نزول الآية (نحو الكعبة، وقال السفهاء من الناس وهم اليهود: ما ولاهم) أي ما صرفهم {عن قبلتهم التي كانوا عليها} يعني بيت المقدس والقبلة في الأصل الحال التي عليها الإنسان من الاستقبال، فصارت عُرفًا للمكان المتوجّه إليه للصلاة {قل لله الشرق والمغرب} [البقرة: 142] لا يختصّ به مكان دون مكان بخاصة ذاتية تمنع إقامة غيره مقامه، وإنما العبرة بارتسام أمره لا بخصوص المكان. {يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} [البقرة: 142] وهو ما ترتضيه الحكمة وتقتضيه المصلحة من التوجّه إلى بيت المقدس تارة وإلى الكعبة أخرى (فصلّى) الظهر (مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل) اسمه عباد بن بشر كما قاله ابن بشكوال، أو هو عباد بن نهيك بفتح النون وكسر الهاء، (ثم خرج) أي الرجل (بعدما صلّى) أي بعد صلاته أو بعد الذي صلّى، وللمستملي والحموي: فصلّى مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجال بالجمع ثم خرج أي بعض أولئك الرجال بعدما صلّى، (فمرّ على قوم من الأنصار في صلاة العصر نحو) أي جهة (بيت المقدس) وفي رواية الكشميهني في صلاة العصر: يصلّون نحو بيت المقدس (فقال) الرجل: (هو يشهد أنه صلّى مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنه) عليه الصلاة والسلام (توجّه نحو الكعبة) وللأربعة: وأنه نحو الكعبة (فتحرّف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة) وعنى بقوله هو يشهد نفسه على طريق التجريد بأن جرد من نفسه شخصًا، أو على طريق الالتفات، أو نقل الراوي كلامه بالمعنى. وعند ابن سعد في الطبقات أنه عليه الصلاة والسلام صلّى ركعتين من الظهر في مسجده بالمسلمين، ثم أمر أن يتوجّه إلى المسجد الحرام، فاستدار إليه ودار معه المسلمون، ويقال: إنه عليه الصلاة والسلام زار أُم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فصنعت له طعامًا وحانت الظهر فصلّى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه ركعتين، ثم أمر فاستدار إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمي مسجد القبلتين. قال ابن سعد، قال الواقدي: هذا أثبت عندنا، ولا تنافي بين قوله هنا صلاة العصر وبين ثبوت الرواية عن ابن عمر في الصبح بقباء المروي عند الشيخين والنسائي لأن العصر ليوم التوجّه بالمدينة، والصبح لأهل قباء في اليوم الثاني، لأنهم خارجون عن المدينة من سوادها. واستنبط من حديث الباب قبول خبر الواحد، وجواز النسخ، وأنه لا يثبت في حق المكلّف حتى يبلغه. ورواته ما بين بصري وكوفي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في التفسير أيضًا ومسلم في الصلاة والترمذي والنسائي وابن ماجة. .