350 - حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُجَامِعُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ هَلْ عَلَيْهِمَا الْغُسْلُ؟ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَفْعَلُ ذَلِكَ، أَنَا وَهَذِهِ، ثُمَّ نَغْتَسِلُ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ حِينَ فَرَضَهَا رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاَةِ الْحَضَرِ. [الحديث طرفاه في 1090، 3935]. وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس إمام الأئمة (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف (عن عروة بن الزبير) بن العوّام (عن عائشة أُم المؤمنين) رضي الله عنها (قالت): (فرض الله) أي قدّر الله (الصلاة) الرباعية (حين فرضها) حال كونها (ركعتين ركعتين) بالتكرير لإفادة عموم التثنية لكل صلاة (في الحضر والسفر) زاد ابن إسحاق قال: حدّثني صالح بن كيسان بهذا الإسناد إلاّ المغرب فإنها ثلاث أخرجه أحمد، (فأقرّت صلاة السفر) ركعتين ركعتين (وزيد في صلاة الحضر) لمّا قدِمَ عليه الصلاة والسلام المدينة ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الصبح لطول القراءة فيها وصلاة المغرب لأنها وتر النهار رواه ابنا خزيمة وحبّان والبيهقي، وقد تمسك بظاهره الحنفية على أن القصر في السفر عزيمة لا رخصة، فلا يجوز الإتمام إذ ظاهر قولها أقرّت يقتضيه. وأُجيب: بأنه على سبيل الاجتهاد، وهو أيضًا معارض بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عند مسلم: فرضت الصلاة في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين. وفيه نظر يأتي إن شاء الله تعالى في أبواب القصر، وبأن عائشة أتمّت في السفر، والعبرة عندهم برأي الصحابي لا بمرويه أن تؤول الزيادة في قولها: وزيد في صلاة الحضر في عدد الصلوات حتى بلغت خمسًا لا في عدد الركعات، ويكون قولها: فرضت الصلاة ركعتين أي قبل الإسراء فإنها كانت قبل الإسراء صلاة قبل المغرب وصلاة قبل طلوع الشمس، ويشهد له قوله تعالى: {وسبّح بحمد ربك بالعشي والإبكار} [غافر: 40] ودليلنا كمالك وأحمد قوله تعالى: {فليس عليكم جُناح أن تقصروا من الصلاة} [النساء: 101] لأن نفي الجناح لا يدلّ على العزيمة، والقصر يُنبئ عن تمام سابق. وقوله عليه الصلاة والسلام: (صدقة تصدّق الله بها عليكم). رواه مسلم. فالمفروض الأربع إلاّ أنه رخص بأداء ركعتين. وقال الحنفيةالمفروض ركعتان فقط، وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا أتمّ المسافر يكون الشفع الثاني عندنا فرضًا وعندهم نفلاً. لنا إن الوقت سبب للأربع والسفر سبب للقصر فيختار أيهما شاء، ولهم قول ابن عباس رضي الله عنهما: إن الله فرض عليكم على لسان نبيّه عليه الصلاة والسلام والصلاة (للمقيم أربعة وللمسافر ركعتين) ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في محله في باب التقصير. ورواة هذا الحديث ما بين مصري ومدني، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وهو من مراسيل عائشة وهو حجّة. 2 - باب وُجُوبِ الصَّلاَةِ فِي الثِّيَابِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} وَمَنْ صَلَّى مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَيُذْكَرُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَزُرُّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ». فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ، وَمَنْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَرَ أَذًى، وَأَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. (باب وجوب الصلاة في الثياب) بالجمع على حدّ قولهم: فلان يركب الخيول ويلبس البرود، والمراد ستر العورة، وهو عند الحنفية والشافعية كعامّة الفقهاء وأهل الحديث شرط في صحة الصلاة. نعم الحنفية لا يشترطون الستر عن نفسه، فلو كان محلول الجيب فنظر إلى عورته لا تفسد صلاته، وقال بهرام من المالكية: اختلف هل ستر العورة شرط في الصلاة أم لا؟ فعند ابن عطاء الله: أنه شرط فيها ومن واجباتها مع العلم والقدرة على المعروف من الذهب، وفي القبس المشهور: أنه ليس من شروطها وقال التونسي: هو فرض في نفسه لا من فروضها، وقال إسماعيل وابن بكير والشيخ أبو بكر: هو من سُننها، وفي تهذيب الطالب والمقدمات وتبصرة ابن محرز: اختلف هل ذلك فرض أو سُنة اهـ. (و) بيان معنى (قول الله تعالى) وللأصيلي وابن عساكر عزّ وجلّ {خذوا زينتكم} أي ثيابكم لمواراة عوراتكم {عند كل مسجد} [الأعراف: 31] لطواف أو صلاة، وفيه دليل على وجوب ستر العورة في الصلاة، ففي الأوّل إطلاق اسم الحال على المحل، وفي الثاني إطلاق اسم المحل على الحال بوجود الاتصال الذاتي بين الحال والمحل، وهذا لأن أخذ الزينة نفسها وهي عرض محُال فأُريد محلها وهو الثوب مجازًا، لا يقال سبب نزولها أنهم كانوا يطوفون عُراة، ويقولون لا نعبد الله في ثياب أذنبنا فيها فنزلت، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهذا عامّ لأنه قال: {عند كل مسجد} ولم يقل المسجد الحرام فيؤخذ بعمومه (ومَن صلّى ملتحفًا في ثوب واحد) كذا ثبت للمستملي وحده قوله، ومَن صلّى إلخ ساقط عند الأربعة من طريق الحموي والكشميهني. (ويذكر) بضم أوّله وفتح ثالثه (عن سلمة بن الأكوع أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: يزرّه) بالمثناة التحتية المفتوحة وتشديد الراء المضمومة أي بأن يجمع بين طرفيه كي لا ترى عورته، وللأصيلي تزره بالمثناة الفوقية، وفي رواية يزرّ بحذف الضمير، (ولو) لم يكن ذلك إلاّ بأن يزره (يشوكه) ويستمسك بها فليفعل، وهذا وصله المؤلّف في تاريخه وأبو داود وابنا خزيمة وحبّان من طريق الدراوردي عن موسى بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن سلمة بن الأكوع قلت: يا رسول الله إني رجل أتصيد أفأصلّي في القميص الواحد؟ قال: (نعم زرّه ولو بشوكة) هذا لفظ ابن حبّان. ورواه المؤلف عن إسماعيل بن أبي أُويس عن أبيه عن موسى بن إبراهيم عن أبيه عن سلمة فزاد في الإسناد رجلاً، ورواه أيضًا عن مالك بن إسماعيل عن عطاف بن خالد قال: حدّثنا موسى بن إبراهيم قال: حدّثنا سلمة فصرّح بالتحديث عن موسى وسلمة، فاحتمل أن تكون رواية ابن أبي أُويس من المزيد في متصل الأسانيد، أو كان التصريح في رواية عطاف وهما فهذا وجه قول المؤلّف (في) وللأربعة وفي (إسناده نظر) أو هو من جهة أن موسى هو ابن محمد التيمي المطعون فيه كما قاله ابن القطّان، وتبعه البرماوي وغيره، لكن ردّه الحافظ ابن حجر بأنه نسب في رواية البخاري وغيره مخزوميًا وهو غير التيمي بلا تردّد. نعم وقع عند الطحاوي موسى بن محمد بن إبراهيم، فإن كان محفوظًا فيحتمل على بُعد أن يكونا جميعًا رويا الحديث، وحمله عنهما الدراوردي وإلاّ فذكر محمد فيه شاذّ اهـ. من الفتح. وحينئذ فمَن صلىّ في ثوب واسع الجيب وهو القدر الذي يدخل فيه الرأس ترى عورته من جيبه في ركوع أو سجود فليزره أو يشدّ وسطه، (ومن) أي وباب من (صلّى في الثوب الذي يجامع فيه) امرأته أو أمته (ما لم يرَ فيه أذًى) أي نجاسة وللمستملي والحموي ما لم يرَ أذًى بإسقاط فيه، (وأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فيما رواه أبو هريرة في بعث عليّ فيحجة أبي بكر مما وصله المؤلف قريبًا لكن بغير تصريح بالأمر (أن لا يطوف بالبيت) الحرام (عريان) وإذا منع التعرّي في الطواف فالصلاة أولى إذ يشترط فيها ما يشترط فيه وزيادة. .