336 - وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ، تَقُولُ: «ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ»
حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً، فَوَجَدَهَا فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَصَلَّوْا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ. فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا. وبالسند قال: (حدّثنا زكريا بن يحيى) هو ابن صالح اللؤلؤي البلخي، المتوفى سنة ثلاثين ومائتين كما مال إليه الغساني والكلاباذي، أو هو زكريا بن يحيى بن عمر الطائي الكوفي أبو السكين بضم المهملة وفتح الكاف المتوفى سنة إحدى وخمسين ومائتين (قال: حدّثنا عبد الله بن نمير) بضم النون الكوفي (قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها. (أنها استعارت من) أختها (أسماء) ذات النطاقين (قلادة) بكسر القاف (فهلكت) أي ضاعت (فبعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلاً) هو أسيد بن حضير (فوجدها) أي القلادة ولا منافاة بينه وبين قوله في الرواية السابقة، فأصبنا العقد تحت البعير لأن لفظ أصبنا عام شامل لعائشة وللرجل، فإذا وجد الرجل بعد رجوعه صدق قوله أصبنا أو أن النبي -صى الله عليه وسلم- هو الذي وجده بعد ما بعث، (فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلّوا) أي بغير وضوء كما صرح به مسلم كالبخاري في سورة النساء في فضل عائشة، واستدل به على أن فاقد الطهورين يصلي على حاله وهو وجه المطابقة بين الترجمة والحديث، فكأن المصنف نزل فقد مشروعية التيمم منزلة فقد التراب بعد مشروعية التيمم فكأنه يقول: حكمهم في عدم المطهر الذي هو الماء خاصة كحكمنا في عدم المطهرين الماء والتراب، ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورين لأنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم الشارع عليه الصلاة والسلام، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك، لكن اختلفوا في وجوب الإعادة فنص الشافعي في الجديد على وجوبها إذا وجد أحد الطهورين، وصححه أكثر أصحابه محتجين بأنه عذر نادر فلم تسقط الإعادة، وفي القديم أقوال: أحدها: يندب له الفعل، والثاني يحرم ويعيد وجوبًا عليهما، والثالث يجب ولا يعيد، حكاه في أصل الروضة، واختاره في شرح المهذب لأنه أذى وظيفة الوقت، وإنما يجب القضاء بأمر جديد ولميثبت فيه شيء وهو المشهور عن أحمد، وبه قال المزني وسحنون وابن المنذر ولحديث الباب، إذ لو كانت واجبة لبينها لهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. وأجيب: بأن الإعادة ليست على الفور، ويجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة، وقال مالك وأبو حنيفة، تحرم الصلاة لكونه محدثًا وتجب الإعادة، لكن الذي شهره الشيخ خليل من المالكية سقوط الأداء في الوقت وسقوط قضائها بعد خروجه. (فشكوا ذلك) بفتح الكاف المخففة (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأنزل الله) عز وجل (آية التيمم) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} آية المائدة إلى آخرها. (فقال أسيد بن حضير لعائشة) رضي الله عنها: (جزاك الله خيرًاً فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرًا) بكسر الكاف فيهما خطابًا للمؤنث، لكنه ضبب على ذلك في الفرع ونسبه لرواية أبي ذر وابن عساكر. ورواة هذا الحديث ما بين كوفي ومدني وفيه التحديث والعنعنة. 3 - باب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، وَخَافَ فَوْتَ الصَّلاَةِ وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْمَاءُ وَلاَ يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ يَتَيَمَّمُ وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ، فَحَضَرَتِ الْعَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ. (باب) حكم (التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء) أصلاً أو كان موجودًا لكنه لا يقدر على تحصيله كما إذا وجده في بئر وليس عنده آلة الاستقاء أو حال بينه وبينه عدو أو سبع (وخاف) وللأصيلي فخاف (فوت) وقت (الصلاة) تيمم (وبه) أي بتيمم الحاضر الخائف فوت الوقت عند فقد الماء (قال عطاء) هو ابن أبي رباح فيما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه، وبه قال الشافعي لكن مع القضاء لندرة فقد الماء في الحضر بخلاف السفر. وفي شرح الطحاوي من الحنفية: التيمم في الحضر لا يجوز إلا في ثلاث: إذا خاف فوت الجنازة إن توضأ، أو فوت صلاة العيد، أو خاف الجنب من البرد بسبب الاغتسال. (وقال الحسن) البصري مما وصله القاضي إسماعيل في الأحكام من وجه صحيح (في المريض عنده الماء ولا يجد من يناوله) الماء ويعينه على استعماله (يتيمم)، بل عند الشافعية يتيمم إذا خاف من الماء محذورًا وإن وجد معينًا ولا يجب عليه القضاء، وفي رواية تيمم بصيغة الماضي. (وأقبل ابن عمر) بن الخطاب ومعه نافع مما وصله في الموطأ (من أرضه بالجر) بضم الجيم والراء وقد تسكن ما تجرفه السيول وتأكله من الأرض، والمراد به هنا موضع قريب من المدينة على ثلاثة أميال منها إلى جهة الشام. وقال ابن إسحاق: على فرسخ كانوا يعسكرون به إذا أرادوا الغزو (فحضرت العصر) أي صلاتها (بمربد النعم) بفتح الميم كما في الفرع. ورواه السفاقسي والجمهور على كسرها، وهو الموافق للغة وبسكون الراء وفتح الموحدة آخره مهملة موضع تحبس فيه الإبل والغنم وهو هنا على ميلين من المدينة، (فصلى) أي بعد أن تيمم كما في رواية مالك وغيره، وللشافعي ثم صلى العصر (ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة) عن الأفق، (فلم يعد) أي الصلاة. وهذا يدل على أن ابن عمر كان يرى جواز التيمم للحاضر لأن السفر القصير في حكم الحضر، وظاهره أن ابن عمر لم يراعِ خروج الوقت لأنه دخل المدينة والشمس مرتفعة، لكن يحتمل أنه ظن أنه لا يصل إلا بعد الغروب أو تيمم لا عن حدث، وإنما أراد تجديد الوضوء فلم يجد الماء، فاقتصر على التيمم بدل الوضوء. وقد ذهب مالك إلى عدم وجوب الإعادة على من تيمم في الحضر، وأوجبها الشافعي لندور ذلك: وعن أبي يوسف وزفر: لا يصلي إلا أن يجد الماء ولو خرج الوقت. فإن قلت: ما وجه المطابقة بين الترجمة وهذا؟ أجيب: من كونه تيمم في الحضر لأن السفر القصير في حكم الحضر كما مرّ وإن كان المؤلف لم يذكر التيمم، لكن قال العيني: الظاهر أن حذفه من الناسخ واستمر الأمر عليه. .