238 - حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ يَعْنِي الدَّرَاوَرْدِيَّ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ»

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ هُرْمُزَ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ». [الحديث أطرافه في: 876، 896، 2956، 3486، 6624، 6887، 7036، 7495]. وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) بتخفيف الميم الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (قال: أخبرنا) ولابن عساكر حدّثنا (أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج حدّثه أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه (أنه سمع) وللأصيلي قال: سمعت ولابن عساكر يقول: سمعت (رسول الله) ولابن عساكر النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول): (نحن الآخرون) بكسر الخاء أي المتأخرون في الدنيا (السابقون) أي المتقدمون في الآخرة. 239 - وَبِإِسْنَادِهِ قَالَ: «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لاَ يَجْرِي ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ». (وبإسناده) أي إسناد هذا الحديث السابق (قال): (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم) القليل الغير القلتين فإنه يتنجس وإن لم يتغير وهذا مذهب الشافعية. وقال المالكية: لا ينجس إلا بالتغير قليلاً كان أو كثيرًا جاريًا كان الماء أو راكدًا حديث: "خلق الله الماء طهورًا لا ينجسه شيء" الحديث. وعند الحنفية: ينجس إذا بلغ الغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد أطرافه بتحرك أحدها، وعن أحمد رواية صحّحوها في غير بول الآدمي وعذرته المائعة فأما هما فينجسان الماء وإن كان قلّتين فأكثر على المشهور ما لم يكثر أي بحيث لا يمكن نزحه، وقوله: (الذي لا يجري) قيل: هو تفسير للدائم وإيضاح لمعناه. وقيل: احترز به عن الماء الدائر لأنه جارٍ من حيث الصورة ساكن من حيث المعنى. وقال ابن الأنباري: الدائم من حروف الأضداد يقال للساكن والدائر، ويطلق على البحار والأنهار الكبار التي لا ينقطع ماؤها أنها دائمة بمعنى أن ماءها غير منقطع، وقد اتفق على أنها غير مرادة هنا وعلى هذين القولين فقوله الذي لا يجري صفة مخصصة لأحد معنيي المشترك، وهذا أولى من حمله على التوكيد الذي الأصل عدمه، ولا يخفى أنه لو لم يقل الذي لا يجري مجملاً بحكم الاشتراك الدائر بين الدائر والدائم، وحينئذ فلا يصح الحمل على التأكيد أو احترز به عن راكد يجري بعضه كالبرك. (ثم) هو (يغتسل فيه) أو يتوضأ وهو بضم اللام على المشهور في الرواية، وجوز ابن مالك في توضيحه صحة الجزم عطفًا على يبولن المجزوم موضعًا بلا الناهية، ولكنه فتح بناء لتأكيده بالنون والنصب على إضمار أن إعطاء لثم حكم واو الجمع. وتعقبه القرطبي في المفهم والنووي في شرح مسلم بأنه يقتضي أن النهي للجمع بينهما، ولم يقله أحد بل البول منهي عنه أراد الغسل منه أو لا. وأجاب ابن دقيق العيد بأنه لا يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة لفظ واحد، فيؤخذ النهي عن الجمع بينهما من هذا الحديث إن ثبتت رواية النصب، ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر انتهى. يعني كحديث مسلم عن جابر مرفوعًا: نهى عن البول في الماء الراكد. وقال القرطبي أبو العباس: لا يحسن النصب لأنه لا ينصب بإضمار أن بعد ثم، وقال أيضًا: إن الجزم ليس بشيء إذ لو أراد ذلك لقال ثم لا يغتسلن لأنه إذ ذاك يكون عطف فعل على فعل لا عطف جملة على جملة، وحينئذ يكون الأصل مشاركة الفعلين في المنهي عنه وتأكيدهما بالنون المشددة، فإن المحل الذي توارد عليه شيء واحد وهو الماء، فعدوله عن ثم لا يغتسلن إلى ثم يغتسل دليل على أنه لم يرد العطف، وإنما جاء يغتسل على التنبيه على مآل الحال، ومعناه: أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه فيمتنع عليه استعماله لما وقع فيه من البول. وتعقبه الزين العراقي بأنه لا يلزم من عطف النهي على النهي ورود التأكيد فيهما معًا كما هو معروف في العربية، قال: وفي رواية أبي داود لا يغتسل فيه من الجنابة فأتى بأداة النهي ولم يؤكده، وهذا كله محمول على القليل عند أهل العلم على اختلافهم في حدّ القليل، وقد تقدم قول من لا يعتبر إلا التغير وعدمه وهو قوي، لكن التفصيل بالقلتين أقوى لصحة الحديث فيه، وقد نقل عن مالك أنه حمل النهي على التنزيه فيما لا يتغير وهو قول الباقين في الكثير، وقد وقع في رواية ابن عيينة عن أبي الزناد: ثم يغتسل منه بالميم بدل فيه وكلٌّ منهما يفيد حكمًا بالنص وحكمًا بالاستنباط، فلفظة فيه بالفاء تدل على منع الانغماس بالنص وعلى منع التناول بالاستنباط ولفظه منه بالميمبعكس ذلك وكل ذلك مبني على أن الماء ينجس بملاقاة النجاسة. فإن قلت: ما وجه دخول نحن الآخرون في الترجمة، وما المناسبة بين أوّل الحديث وآخره؟ أجيب باحتمال أن يكون أبو هريرة سمعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مع ما بعده في نسق واحد فحدّث بهما جميعًا، وتبعه المؤلف ويحتمل أن يكون همام فعل ذلك وأنه سمعهما من أبي هريرة وإلاَّ فليس في الحديث مناسبة للترجمة. وتعقب بأن البخاري إنما ساق الحديث من طريق الأعرج عن أبي هريرة لا من طريق همام، فالاحتمال الثاني ساقط. وقال في فتح الباري والصواب أن البخاري في الغالب يذكر الشيء كما سمعه جملة لتضمنه موضع الدلالة المطلوبة منه وإن لم يكن باقيه مقصودًا. ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث بالإفراد والجمع والإخبار والسماع، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 69 - باب إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ الْمُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاَتُهُ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ يُصَلِّي وَضَعَهُ وَمَضَى فِي صَلاَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ: إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ تَيَمَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهِ لاَ يُعِيدُ. هذا (باب) بالتنوين (إذا ألقي) بضم الهمزة مبنيًّا لما لم يسم فاعله (على ظهر المصلي قذر) بالذال المعجمة المفتوحة مرفوع لكونه نائبًا عن الفاعل أي شيء نجس (أو جيفة) بالرفع عطفًا على السابق وهي جثة الميتة المريحة (لم تفسد عليه صلاته) جواب إذا (وكان) ولأبوي ذر والوقت قال وكان ابن (ابن عمر) رضي الله عنهما مما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح (إذا رأى في ثوبه دمًا وهو يصلي وضعه) أي ألقاه عنه (ومضى في صلاته) ولم يذكر فيه إعادة الصلاة، ومذهب الشافعي وأحمد يعيدها، وقيدها مالك بالوقت فإن خرج فلا قضاء. (وقال ابن المسيب) بفتح المثناة المشددة واسمه سعيد (والشعبي) بفتح الشين عامر مما وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد متفرقة (إذا صلّى) المرء (وفي ثوبه دم) لم يعلمه، وللمستملي والسرخسي كان ابن المسيب والشعبي إذا صلّى أي كل واحد منهما، وفي ثوبه دم (أو جنابة) أي أثرها وهو المني وهو مقيد عند القائل بنجاسته بعدم العلم كالدم (أو لغير القبلة) إذا كان باجتهاد ثم أخطأ (أو تيمم) عند عدم الماء (وصلى) وللهروي والأصيلي وابن عساكر فصلى (ثم أدرك الماء في وقته) أي بعد أن فرغ (لا يعيد) الصلاة أما الدم فيعفى عنه إذا كان قليلاً من أجنبيّ ومطلقًا من نفسه وهو مذهب الشافعي. وأما القبلة، فعند الثلاثة والشافعي في القديم لا يعيد، وقال في الجديد: تجب الإعادة، وأما التيمم فعدم وجوب الإعادة بعد الفراغ من الصلاة قول الأئمة الأربعة وأكثر السلف. .