1521 - وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ»، قَالَ: فَقُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: «لَا يَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا»
حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَيَّارٌ أَبُو الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ». [الحديث طرفاه في: 1819، 1820]. وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي أياس (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج قال: (حدّثنا سيار) بفتح السين المهملة وتشديد المثناة التحتية (أبو الحكم) العنزي بنون وزاي وأبوه يكنى أبا سيار واسمه وردان (قال: سمعت أبا حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمان بفتح السين وسكون اللام الأشجعي وليس هو أبا حازم سلمة بن دينار صاحب سهل بن سعد لأنه لم يسمع من أبي هريرة (قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- قال:) بلفظ الماضي كاللذين قبله (سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول): (من حج لله) وللمؤدف فيما يأتي من حج هذا البيت، ولمسلم: من أتى هذا البيت وهو يشمل الإتيان للحج والعمرة، وللدارقطني من طريق الأعمش عن أبي حازم بسند فيه ضعف إلى الأعمش من حج أو اعتمر (فلم يرفث) بتثليث الفاء في المضارع والماضي لكن الأفصح الضم في المضارع والفتح في الماضي أي الجماع أو الفحش في القول أو خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع. وقال الأزهري: كلمة جامعا لكل ما يريده الرجل من المرأة (ولم يفسق) لم يأت بسيئة ولا معصية. وقال سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197] الرفث: إتيان النساء والفسوق السباب والجدال المراء يعني مع الرفقاء والمكارين ولم يذكر في الحديث الجدال في الحج اعتمادًا على الآية ويحتمل أن يكون ترك الجدال قصدًا لأن وجوده لا يؤثر في ترك مغفرة ذنوب الحاج إذا كان المراد به المجادلة في أحكام الحج لما يظهر من الأدلة أو المجادلة بطريق التعميم لا تؤثر أيضًا، لأن الفاحش منها دخل في عموم الرفث، والحسن منها ظاهر في عدم التأثير والمستوي الطرفين لا يؤثر أيضًا قاله في فتح الباري، والفاء في قوله: فلم يرفث عطف على الشرط وجوابه (رجع) أي من ذنوبه (كيوم ولدته أمه) بجر يوم على الأعراب وبفتحه على البناء وهو المختار في مثله لأن صدر الجملة المضاف إليها مبني أي رجع مشابهًا لنفسه في أنه يخرج بلا ذنب كما خرج بالولادة وهو يشمل الصغائر والكبائر والتبعات. قال الحافظ ابن حجر: وهو من أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرادس المصرح بذلك وله شاهد من حديث ابن عمر في تفسير الطبري انتهى. لكن قال الطبري أنه محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها. وقال الترمذي: هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحقوق الله خاصة دون العباد ولا تسقط الحقوق أنفسها فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوها من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه لأنها حقوق لا ذنوب إنما الذنوب تأخيرها فنفس التأخير يسقط بالحج لا هي أنفسها فلو أخّرها بعده تجددًا ثم آخر فالحج المبرور يسقط إثم المخالفة لا الحقوق. 5 - باب فَرْضِ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (باب فرض مواقيت الحج والعمرة) المكانية جمع ميقات مفعال من الوقت الحدود واستعير هنا للمكان اتساعًا وقد لزم شرعًا تقديم الإحرام للآفاقي على وصوله إلى البيت تعظيمًا للبيت وإجلالاً كما تراه في الشاهد من ترجل الراكب القاصد إلى عظيم من الخلق إذا قرب من ساحته خضوعًا له، فلذا لزم القاصد إلى بيت الله تعالى أن يحرم قبل الحلول بحضرته إجلالاً فإن الإحرام تشبه بالأموات وفي ضمن جعل نفسه كالميت سلب اختياره. وإلقاء قياده متخليًا عن نفسه فارعًا عن اعتبارها شيئًا من الأشياء. 1522 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ "حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- فِي مَنْزِلِهِ وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ -فَسَأَلْتُهُ: مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَالَ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا، وَلأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ". وبالسند قال: (حدّثنا مالك بن إسماعيل) بن زياد بن درهم النهدي قال: (حدّثنا زهير) هو ابن معاوية الجعفي (قال: أخبرني) بالإفراد (زيد بن جبير) بضم الجيم وفتح الموحدة الجشمي (أنه أتى عبد الله بن عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنهما- في منزله -وله فسطاط) ببيت من شعر ونحوه (وسرادق) حول الفسطاط وهو بضم السين وكسر الدال كل ما أحاط بشيء، ومنه: {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] أو هو الخيمة أو لا يقال لها ذلك إلا إذا كانت من قطن أو ما يغطى به صحن الدار من الشمس وغيرها. قال في عمدة القاري: والظاهر أن ابن عمر كان معه وأراد سترهم بذلك لا التفاخر. (فسألته) مقتضى السياق أن يقول فسأله لكنه وقع على سبيل الالتفات، وللإسماعيلي: فدخلتعليه فسألته (من أين يجوز أن أعتمر: قال). (فرضها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي قدرها وبينها أو أوجبها والضمير المنصوب للمواقيت للقرينة الحالية "لأهل نجد" ساكنيها ومن سلك طريق سفرهم فمر على ميقاتهم، ونجد: بفتح النون وسكون الجيم آخره دال مهملة ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق قاله في الصحاح، وقال في المشارق: ما بين جرش إلى سواد الكوفة وحده مما يلي المغرب الحجاز وعن يسار الكعبة اليمن قال: ونجد كلها من عمل اليمامة. وقال في النهاية: ما ارتفع من الأرض وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق. قال في القاموس: النجد ما أشرف من الأرض وما خالف الغور أي تهامة وتضم جيمه مذكر أعلاه تهامة واليمن وأسفله العراق والشام وأوله من جهة الحجاز ذات عرق (قرنًا)، قال النووي على نحو مرحلتين من مكة. قال: في القاموس: قرية عند الطائف أو اسم الوادي كله، وغلط الجوهري في تحريكه وفي نسبة أويس القرني إليه لأنه منسوب إلى قرر بن ردمان بن ناحية بن مراد أحد أجداده انتهى، وثبت في مسلم نحوه، لكن قال القابسي: من سكن أراد الجبل، ومن فتح أراد الطريق الذي يقرب منه. ولأبي ذر: من قرن. (ولأهل المدينة) يثرب سكانها ومن سلك طريقهم فمر على ميقاتهم "ذا الحليفة" بضم الحاء المهملة وفتح اللام مصغرًا موضع بعده من المدينة ميل كما عند الرافعي، لكن في البسيط: إنها على ستة أميال وصححه في المجموع وهو الذي قاله في القاموس. وقيل سبعة وفي المهمات الصواب المعروف بالمشاهدة أنها على ثلاثة أميال أو تزيد قليلاً. (ولأهل الشام) من العريش إلى بالس وقيل إلى الفرات قاله النووي ومن سلك طريقهم (الجحفة) بضم الجيم وإسكان الحاء المهملة وفتح الفاء قرية على ستة أميال من البحر وثمان مراحل من المدينة ومن مكة خمس مراحل أو ستة أو ثلاثة. قال ابن الكلبي: كان العماليق يسكنون يثرب فوقع بينهم وبين بني عبيل بفتح المهملة وكسر الموحدة وهم أخوة عاد حرب فأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة فجاء سيل فاجتحفهم أي استأصلهم فسميت الجحفة وهي الآن خربة لا يصل إليها أحد لوخمها، وإنما يحرم الناس الآن من رابغ لكونها محاذية لها. وفي حديث عائشة عند النسائي مرفوعًا: "ولأهل الشام ومصر الجحفة". قال الولي ابن العراقي: وهذه زيادة يجب الأخذ بها وعليها العمل وزاد نافع في الباب الآتي بعد بابين إن شاء الله تعالى. قال عبد الله: وبلغني أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم" وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في محالها. 6 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [البقرة: 197]: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (باب قول الله تعالى: {وتزودوا}) أي ما يكف وجوهكم عن الناس ولما أمرهم بزاد الدنيا أرشدني إلى الآخرة فقال: ({فإن خير الزاد التقوى}) [البقرة: 197]. .