1370 - وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَاى الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ -[995]-: خَطَبَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئًا نَقْرَؤُهُ إِلَّا كِتَابَ اللهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةَ - قَالَ: وَصَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ - فَقَدْ كَذَبَ، فِيهَا أَسْنَانُ الْإِبِلِ، وَأَشْيَاءُ مِنَ الْجِرَاحَاتِ، وَفِيهَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَيْرٍ إِلَى ثَوْرٍ، فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا -[996]-، أَوْ آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا -[998]-، وَلَا عَدْلًا، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، أَوِ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا، وَلَا عَدْلًا» وَانْتَهَى حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ، وَزُهَيْرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ «يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ»، وَلَمْ يَذْكُرَا مَا بَعْدَهُ. وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمَا: مُعَلَّقَةٌ فِي قِرَابِ سَيْفِهِ،
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ حَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ قَالَ: "اطَّلَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أَهْلِ الْقَلِيبِ فَقَالَ: وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا. فَقِيلَ لَهُ: أتَدْعُو أَمْوَاتًا؟ فَقَالَ: مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ لاَ يُجِيبُونَ". [الحديث طرفاه في: 3980، 4026]. وبه قال: (حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني، قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) قال: (حدّثني) بالإفراد. ولأبي الوقت: حدّثنا (أبي) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي (عن صالح) هو: ابن كيسان، قال: (حدّثني) بالإفراد (نافع) مولى ابن عمر بن الخطاب (أن ابن عمر، رضي الله عنهما، أخبره قال): (اطلع النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، على أهل القليب) قليب بدر، وهم: أبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وهم يعذبون (فقال) لهم: (وجدتم ما وعد ربكم حقًا؟) وفي نسخة: ما وعدكم. (فقيل له) عليه الصلاة والسلام، والقائل عمر بن الخطاب كما في مسلم: (أتدعو) بهمزة الاستفهام، وسقطت من اليونينية، كما في فرعها (أمواتًا؟ فقال) عليه الصلاة والسلام (ما أنتم بأسمع منهم) لما أقول (ولكن لا يجيبون): لا يقدرون على الجواب. وهذا يدل على وجود حياة في القبر يصلح معها التعذيب، لأنه لما ثبت سماع أهل القليب كلامه، عليه الصلاة والسلام، وتوبيخه لهم، دل على إدراكهم الكلام بحاسة السمع، وعلى جواز إدراكهم ألم العذاب ببقية الحواس بل بالذات. ورواة هذا الحديث: مدنيون، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه أيضًا في: المغازي مطوّلاً، ومسلم في: الجنائز، وكذلك النسائي. 1371 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ حَقٌّ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى} ". [الحديث 1371 - طرفاه في: 3979، 3981]. وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) هو: ابن أبي شيبة، قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة، رضي الله عنها، قالت): تردّ رواية ابن عمر: ما أنتم بأسمع منهم. (إنما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنهم ليعلمون الآن أن ما كنت أقول حق) ولأبوي الوقت، وذر: أن ما كنت أقول لهم حق، ثم استدلت لما نفته بقولها: (وقد قال الله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى}) قالوا: ولا دلالة فيها على ما نفته، بل لا منافاة بين قوله، عليه الصلاة والسلام: إنهم الآن يسمعون، وبين الآية. لأن الإسماع هو إبلاغ الصوت من المسمع في أذن السامع، فالله تعالى هو الذي أسمعهم، بأن أبلغ صوت نبيه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بذلك. وقد قال المفسرون: إن الآية مثل ضربة الله للكفار أي: فكما أنك لا تسمع الموتى، فكذلك لا تفقه كفار مكة، لأنهم كالموتى في عدم الانتفاع بما يسمعون. وقد خالف الجمهور عائشة في ذلك، وقبلوا حديث ابن عمر لموافقة من رواه غيره عليه، ولا مانع أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال اللفظين معًا، ولم تحفظ عائشة إلا أحدهما، وحافظ غيرها سماعهم بعد إحيائهم. وإذا جاز أن يكونوا عالمين، جاز أن يكونوا سامعين، إما بآذان رؤوسهم، كما هو قول الجمهور، أو بآذان الروح فقط، والمعتمد قول الجمهور، لأنه: لو كان العذاب على الروح فقط، لم يكن للقبر بذلك اختصاص، وقد قال قتادة، كما عند المؤلّف في غزوة بدر: أحياهم الله تعالى حتى أسمعهم توبيخًا أو نقمة. 1372 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ سَمِعْتُ الأَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ لَهَا: أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقَالَ: نَعَمْ، عَذَابُ الْقَبْرِ. قَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعْدُ صَلَّى صَلاَةً إِلاَّ تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ". وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو لقب عبد الله بن عثمان بن جبلة، قال: (أخبرني) بالإفراد (أبي) عثمان (عن شعبة) بن الحجاج، قال: (سمعت الأشعث) بالمثلثة في آخره (عن أبيه) أبي الشعثاء، بالمد، سليم بن أسود المحاربي. وفي رواية أبي داود الطيالسي: عن شعبة، عن أشعث سمعت أبي، (عن مسروق) هو: ابن الأجدع (عن عائشة، رضي الله عنها). (أن يهودية) قال ابن حجر: لم أقف على اسمها (دخلت عليها) أي: على عائشة (فذكرت عذاب القبر، فقالت لها: أعاذك الله من عذاب القبر. فسألت عائشة) رضي الله عنها (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عن عذاب القبر، فقال): (نعم، عذاب القبر) بحذف الخبر، أي: حق، أو: ثابت. وللحموي والمستملي: عذاب القبر حق، بإثبات الخبر، لكن قالالحافظ ابن حجر: ليس بجيد، لأن المصنف قال عقب هذه الطريق، زاد غندر: عذاب القبر، حق، فبين أن لفظة: حق، ليست في رواية عبدان عن أبيه عن شعبة، وأنها ثابتة في رواية غندر، يعني: عن شعبة. وهو كذلك، وقد أخرج طريق غندر: النسائي والإسماعيلي: كذلك، وكذا أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة. اهـ. وتعقبه العيني، بأن قوله: زاد غندر: عذاب القبر حق، ليس بموجود في كثير من النسخ، ولئن سلمنا وجود هذا، فلا نسلم أنه يستلزم حذف الخبر، مع أن الأصل ذكر الخبر، وكيف ينفي الجودة من رواية المستملي مع كونها على الأصل؟ فماذا يلزم من المحذور إذا ذكر الخبر في الروايات كلها؟ اهـ فليتأمل. (قالت عائشة، رضي الله عنها: فما رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد) مبني على الضم، أي: بعد سؤالي إياه (صلّى صلاة إلا تعوذ) فيها (من عذاب القبر). وزاد في رواية أبي ذر هنا قوله: وزاد غندر: عذاب القبر حق. ففي هذا الحديث أنه أقر اليهودية على أن عذاب القبر حق، وفي حديثي أحمد ومسلم السابقين، أنه أنكره، حيث قال: كذب يهود، لا عذاب دون عذاب يوم القيامة، وإنما تفتن اليهود. فبين الروايتين مخالفة، لكن قال النووي، كالطحاوي وغيرهما: قضيتان، فأنكر، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قول اليهودية في الأولى، ثم أعلم بذلك ولم يعلم عائشة، فجاءت اليهودية مرة أخرى، فذكرت لها ذلك، فأنكرت عليها مستندة إلى الإنكار الأول، فأعلمها عليه الصلاة والسلام بأن الوحي نزل بإثباته اهـ. وفيه إرشاد لأمته، ودلالة على أن عذاب القبر ليس خاصًّا بهذه الأمة، بخلاف المسألة ففيها خلاف، يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى. .