1195 - وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَرَامٌ؟ قَالَ: قَالَ: أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ، فَقَالَ: «إِنَّا لَا نَأْكُلُهُ إِنَّا حُرُمٌ»

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَازِنِيِّ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ». وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي، قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن عبد الله بن أبي بكر) الأنصاري (عن عباد بن تميم) بفتح العين وتشديد الموحدة، ابن زيد بن عاصم الأنصاري (عن) عمه (عبد الله بن زيد المازني) بكسر الزاي بعدها نون، الأنصاري (رضي الله عنه، أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال): (ما بين بيتي ومنبري) الموصول: مبتدأ خبره قوله: (روضة من رياض الجنة) منقولة منها كالحجر الأسود، أو: تنقل بعينها إليها كالجذع حنَّ إليه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أو: توصل الملازم للطاعات فيها إليها. فهو مجاز باعتبار المآل، كقوله: الجنة تحت ظلال السيوف، أي: الجهاد مآله الجنة. فهذه البقعة المقدسة روضة من رياض الجنة الآن وتعود إليها. ويكون للعامل فيها روضة بالجنة. والمراد بالبيت: قبره أو مسكنه، ولا تفاوت بينهما، لأن قبره في حجرته، وهي بيته. ويأتي مزيد لذلك في أواخر فضل المدينة إن شاء الله بعونه وقوّته. ورواة هذا الحديث مدنيون إلا شيخ المؤلّف وهو من أفراده. وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة وأخرجه مسلم في: المناسك، والنسائي: فيه وفي الصلاة. 1196 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي». [الحديث 1196 - أطرافه في: 1888، 6588، 7335]. وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (عن يحيى) بن سعيد القطان (عن عبيد الله) بالتصغير، زاد الأصيلي والهروي: ابن عمر، أي: العمري (قال: حدّثني) بالإفراد (خبيب بن عبد الرحمن) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية آخره موحدة (عن حفص بن عاصم) أي: ابن عمر بن الخطاب، (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي) ولأبي ذر، مما صح عند اليونينية أن النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال): (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)، لم يثبت خبر عن بقعة أنها من الجنة بخصوصها إلا هذه البقعة المقدّسة. (ومنبري) هذا بعينه (على حوضي) نهر الكوثر الكائن داخل الجنة، لا حوضه الذي خارجها بجانبها، المستمد من الكوثر، يعيده الله فيضعه عليه، أو: أن له هناك منبرًا على حوضه يدعو الناس عليه إليه. وعند النسائي: ومنبري على ترعة من ترع الجنة. ووقع في رواية أبي ذر الهروي سقوط: ومنبري على حوضي. ورواة الحديث مدنيون إلا شيخه فبصري من أفراده، وفيه: التحديث بالجمع والإفراد والعنعنة، وأخرجه المؤلّف أيضًا في أواخر: الحج وفي: الحوض والاعتصام، ومسلم في: الحج. 6 - باب مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (باب) فضل (مسجد بيت المقدس) بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال، وبفتح القاف بعد ضم الميم مع تشديد الدال. والقدس: بغير ميم مع ضم القاف وسكون الدال وبضمها، وله عدة أسماء تقرب من العشرين منها إيلياء بالمد والقصر وبحذف الياء الأولى. 1197 - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ سَمِعْتُ قَزَعَةَ مَوْلَى زِيَادٍ قَالَ: "سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ -رضي الله عنه- يُحَدِّثُ بِأَرْبَعٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْجَبْنَنِي وَآنَقْنَنِي قَالَ: لاَ تُسَافِرِ الْمَرْأَةُ يَوْمَيْنِ إِلاَّ مَعَهَا زَوْجُهَا أَوْ ذُو مَحْرَمٍ. وَلاَ صَوْمَ فِي يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالأَضْحَى. وَلاَ صَلاَةَ بَعْدَ صَلاَتَيْنِ: بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ. وَلاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى، وَمَسْجِدِي". وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي، قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد الملك) بن عمير (قال: سمعت قزعة) بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحة (مولى زياد) بالزاي وتخفيف المثناة التحتية (قال): (سمعت أبا سعيد الخدري، رضي الله عنه، يحدث بأربع عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) كلها حكم (فأعجبنني) الأربع، وهي بسكون الموحدة بصيغة الجمع للمؤنث (وآنقنني) بهمزة ممدودة ثم نون مفتوحة ثم قاف ساكنة بعدها نونان، أي: أفرحنني وأسررنني. إحداها (قال لا تسافر المرأة يومين إلا معها زوجها). ولأبوي ذر والوقت: إلا ومعها بالواو (أو: ذو محرم) وهو من النساء من حرم نكاحها على التأبيد بسبب مباح لحرمتها، فاحترز بقوله: على التأبيد، من: أخت المرأة. وبقوله: بسبب مباح، من: أم الموطوءة بشبهة، لأن وطء الشبهة لا يوصف بالإباحة وبحرمتها من الملاعنة، فإن تحريمها ليس لحرمتها بل عقوبة وتغليظًا. (و) الثانية (لا صوم في يومين) يوم عيد (الفطر) ليحصل الفصل بين الصوم والفطر (والأضحى) لأن فيه دعوة الله التي دعا عباده إليها من تضييفه وإكرامه لأهل مِنًى وغيرهم لما شرع لهم من ذبح النسكوالأكل منها، والإجماع على تحريم صومهما، لكن مذهب أبي حنيفة: لو نذر صوم يوم النحر أفطر وقضى يومًا مكانه. (و) الثالثة (لا صلاة بعد صلاتين بعد) صلاة (الصبح حتى تطلع الشمس وبعد) صلاة (العصر حتى تغرب) الشمس. (و) الرابعة (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) الاستثناء مفرّغ والتقدير: لا تشد الرحال إلى موضع، ولازمه منع السفر إلى كل موضع غيرها، كزيارة صالح أو قريب أو صاحب، أو طلب علم أو تجارة، أو نزعة. لأن المستثنى منه في المفرغ يقدر بأعم العام. لكن المراد بالعموم هنا الموضع المخصوص، وهو المسجد كما تقدم تقديره: (مسجد الحرام) بمكة (ومسجد) المكان (الأقصى) الأبعد عن المسجد الحرام في المسافة، أو عن الأقذار والخبث، وهو: مسجد بيت المقدس. وقد روى ابن ماجة حديث أنس مرفوعًا: "وصلاة في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة". وعند الطبراني عن أبي الدرداء، رفعه أيضًا: "والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة". وعند النسائي وابن ماجة، عن ابن عمر: أن سليمان بن داود، لما فرغ من بناء بيت المقدس، سأل الله تعالى: أن لا يأتي هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه. الحديث. (ومسجدي) بطيبة. واختصاص هذه الثلاثة بالأفضلية لأن الأول فيه: حج الناس وقبلتهم أحياء وأمواتًا، والثاني: قبلة الأمم السالفة، والثالث: أسس على التقوى وبناه خير البرية، زاده الله شرفًا. والأفضلية بينهم بالترتيب المذكور في الحديث الأول، من الباب الأول، واختلف في: شد الرحال إلى غيرها، كالذهاب إلى زيارة الصالحين أحياء وأمواتًا، وإلى المواضع الفاضلة للصلاة فيها، والتبرك بها. فقال أبو محمد الجويني: يحرم عملاً بظاهر هذا الحديث؛ واختاره القاضي حسين، وقال به القاضي عياض وطائفة. والصحيح عند إمام الحرمين، وغيره من الشافعية، الجواز، وخصوا النهي بمن نذر الصلاة في غير الثلاثة، وأما قصد غيرها لغير ذلك، كالزيارة فلا يدخل في النهي. وخص بعضهم النهي فيما حكاه الخطابي بالاعتكاف في غير الثلاثة، لكن قال في الفتح: ولم أر عليه دليلاً. ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين: بصري وواسطي وكوفي، وفيه: التحديث والعنعنة والسماع والقول، وأخرجه المؤلّف في: الصوم. بسم الله الرحمن الرحيم 21 - أبواب العمل في الصلاة (بسم الله الرحمن الرحيم) كذا ثبتت البسملة في غير رواية أبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر (أبواب) حكم (العمل في الصلاة) كذا في نسخة الصاغاني، مع إثبات البسملة. 1 - باب اسْتِعَانَةِ الْيَدِ فِي الصَّلاَةِ إِذَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الصَّلاَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: يَسْتَعِينُ الرَّجُلُ فِي صَلاَتِهِ مِنْ جَسَدِهِ بِمَا شَاءَ. وَوَضَعَ أَبُو إِسْحَاقَ قَلَنْسُوَتَهُ فِي الصَّلاَةِ وَرَفَعَهَا. وَوَضَعَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- كَفَّهُ عَلَى رُصْغِهِ الأَيْسَرِ. إِلاَّ أَنْ يَحُكَّ جِلْدًا أَوْ يُصْلِحَ ثَوْبًا. (باب) حكم (استعانة اليد) أي: وضعها على شيء (في الصلاة إذا كان) ذلك (من أمر الصلاة) احترز به عما يصدر عن قصد العبث فإنه مكروه. (وقال ابن عباس، رضي الله عنهما: يستعين الرجل في صلاته من جسده بما شاء) كيده إذا كان من أمر الصلاة، مثل: تحويله، عليه السلام، ابن عباس إلى جهة يمينه في الصلاة الآتي في الحديث التالي، وإذا جازت الاستعانة بها للصلاة فكذا بما شاء من جسده قياسًا عليها. (ووضع أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي التابعي المتوفى سنة عشرين ومائة، وله من العمر ست وتسعون سنة (قلنسوته) بفتح القاف واللام وسكون النون وضم المهملة، بيده حال كونه (في الصلاة، ورفعها) بها كذا بالواو وللنسفي، وأبي ذر والأصيلي: وفي رواية القابسي: أو رفعها على الشك. (ووضع علي) هو ابن أبي طالب (رضي الله عنه كفه) الأيمن (على رصغه الأيسر) أي: في الصلاة والرصغ بالصاد، لغة في الرسغ بالسين، وهي أفصح من الصاد، وهو المفصل بين الساعد والكف (إلا أن يحك) أي: علي (جلدًا، أو يصلح ثوبًا) كذا أخرجه في السفينة الجرائدية بتمامه، لكن قال: إذا قام إلى الصلاة ضرب، بدل قوله: وضع. وزاد: فلا يزال كذلك حتى يركع. وكذا أخرجه ابن أبي شيبة، من هذا الوجه، لكن بلفظ: إلا أن يصلح ثوبه، أو يحك جسده. وليس هذا الاستثناء من بقية ترجمة الباب، كما توهمه الإسماعيلي وتبعه ابن رشيد، ونقله مغلطايفي شرحه عن أولهما، ويدخل في الاستعانة التعلق بالحبل، والاعتماد على العصا، ونحوهما. .