1144 - وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، - وَاللَّفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَصُمْ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ، أَوْ يَصُومَ بَعْدَهُ»
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه- قَالَ: "ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلٌ فَقِيلَ: مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ، مَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ فَقَالَ: بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ". [الحديث طرفه في: 3270]. وبالسند قال: (حدّثنا مسدد قال: حدّثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم (قال: حدّثنا) ولأبي ذر: أخبرنا (منصور) هو: ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود (رضي الله عنه قال): (ذكر عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجل). قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه، لكن أخرج سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن ابن مسعود ما يؤخذ منه. أنه هو، ولفظه بعد سياق الحديث بنحوه: وايم الله لقد بال في أذن صاحبكم ليلة يعني نفسه. (فقيل) أي؛ قال رجل من الحاضرين (ما زال) الرجل المذكور (نائمًا حتى أصبح، ما قام إلى الصلاة) اللام للجنس، أو المراد: المكتوبة، فتكون للعهد. ويدل له قول سفيان، فيما أخرجه ابن حبان في صحيحه: هذا عبد نام عن الفريضة. (فقال) عليه الصلاة والسلام: (بال الشيطان في أذنه) بضم الهمزة والذال وسكونها، ولا استحالة أن يكون بوله حقيقة، لأنه ثبت أنه يأكل ويشرب وينكح، فلا مانع من بوله، أو: وهو كناية عن صرفه عن الصارخ بما يقره في أذنه حتى لا ينتبه، فكأنه ألقى في أذنه بوله فاعتل سمعه بسبب ذلك. وقال التوربشتي: يحتمل أن يقال إن الشيطان ملأ سمعه بالأباطيل، فأحدث فى أذنه، وقرأ عن استماع دعوة الحق. وقال في شرح المشكاة، خص الأذن بالذكر. والعين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه بالأصوات، ونداء: حي على الصلاة. قال الله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ} [الكهف: 11] أي: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصوات. وخص البول من بين الأخبثين لأنه مع خباثته أسهل مدخلاً في تجاويف الخروق والمعروف، ونفوذه فيها، فيورث الكسل في جميع الأعضاء. ورواة هذا الحديث كوفيون إلا شيخ المؤلّف فبصري، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في صفة إبليس، ومسلم والنسائي وابن ماجة في: الصلاة. 14 - باب الدُّعَاءِ وَالصَّلاَةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَقَالَ عز وجل: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} أَىْ مَا يَنَامُونَ {وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}. (باب الدعاء والصلاة) بواو العطف، ولأبي ذر في الصلاة (من آخر الليل) وهو الثلث الأخير منه. (وقال) ولأبوي ذر. والوقت: وقال الله (عز وجل) وللأصيلي: وقول الله عز وجل ({كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون}) رفع بقليلاً على الفاعلية (أي: ما ينامون) وللحموي: ما يهجعون: ينامون، وما زائدة. ويهجعون: خبر كان، وقليلاً إما ظرف أي: زمانًا قليلاً، ومن الليل إما صفة أو: متعلق بيهجعون، وإما مفعول مطلق أي: هجوعًا قليلاً. ولو جعلت: ما، مصدرية، فما يهجعون فاعل قليلاً، ومن الليل: بيان أو حال من المصدر. ومن، للابتداء. ولا يجوز أن تكون نافية، لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها. ولابن عساكر: ما ينامون، وعند الأصيلي يهجعون الآية. ({وبالأسحار هم يستغفرون}) أي: أنهم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم إذا أسحروا أخذوا في الاستغفار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم. وسقط في رواية الأصيلي: ما بعد يهجعون إلى يستغفرون، وسقط عند أبي ذر، والأصيلي، وأبي الوقت: {وبالأسحار هم يستغفرون}. 1145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ الأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ». [الحديث 1145 - : طرفاه في: 6321، 7494]. وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن) إمام الأئمة (مالك، عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (وأبي عبد الله) سلمان (الأغر) بغين معجمة وراء مشددة، الثقفي، كلاهما (عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال): (ينزل ربنا، تبارك وتعالى) نزول رحمة، ومزيد لطف، وإجابة دعوة، وقبول معذرة، كما هو ديدن الملوك الكرماء، والسادة الرحماء، إذا نزلوا بقرب قوم محتاجين ملهوفين، فقراء مستضعفين، لا نزول حركة وانتقال لاستحالة ذلك على الله تعالى، فهو نزول معنويّ. نعم، يجوز حمله على الحسي، ويكون راجعًا إلى أفعاله لا إلى ذاته، بل هو عبارة عن ملكهالذي ينزل بأمره ونهيه. وقد حكى ابن فورك: أن بعض المشايخ ضبطه بضم الياء من: ينزل. قال القرطبي: وكذا قيده بعضهم، فيكون معدّى إلى مفعول محذوف، أي: ينزل الله ملكًا. قال: ويدل له رواية النسائي: إن الله عز وجل يمهل حتى شطر الليل الأول، ثم يأمر مناديًا يقول: هل من داع فيستجاب له الحديث. وبهذا يرتفع الإشكال. قال الزركشي: لكن روى ابن حبان في صحيحه "ينزل الله إلى السماء فيقول لا أسأل عن عبادي غيري". وأجاب عنه في المصابيح بأنه لا يلزم من إنزاله الملك أن يسأله عما صنع العباد، ويجوز أن يكون الملك مأمورًا بالمناداة، ولا يسأل البتة عما كان بعدها، فهو سبحانه وتعالى أعلم بما كان وبما يكون، لا تخفى عليه خافية، وقوله: تبارك وتعالى، جملتان معترضتان بين الفعل وظرفه، وهو قوله: (كل ليلة إلى السماء الدنيا) لأنه لما أسند ما لا يليق إسناده بالحقيقة، أتى بما يدل على التنزيه (حين يبقى ثلث الليل الآخر) منه، بالرفع صفة وتخصيصه بالليل، وبالثلث الأخير منه لأنه وقت التهجد، وغفلة الناس عمن يتعرض لنفحات رحمة الله، وعند ذلك تكون النية خالصة والرغبة إلى الله تعالى وافرة، وذلك مظنة القبول والإجابة. ولكن اختلفت الروايات في تعيين الوقت على ستة أقوال يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى في كتاب: الدعاء نصف الليل بعون الله. (يقول من يدعوني فأستجيب له) بالنصب على جواب الاستفهام، وبالرفع على تقدير مبتدأ أي: فأنا أستجيب له. وكذلك حكم: فأعطيه فأغفر له. وليست السين للطلب بل أستجيب بمعنى: أجيب (من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له). وزاد حجاج بن أبي منيع، عن جده، عن الزهري عند الدارقطني في آخر الحديث: حتى الفجر. والثلاثة: الدعاء، والسؤال، والاستغفار، أما بمعنى واحد، فذكرها للتوكيد، وإما لأن المطلوب لدفع المضار أو جلب المسار، وهذا إما دنيوي أو ديني ففي الاستغفار إشارة إلى الأول، وفي السؤال إشارة إلى الثاني، وفي الدعاء إشارة إلى الثالث. وإنما خص الله تعالى هذا الوقت بالتنزل الإلهي، والتفضل على عباده باستجابة دعائهم، وإعطائهم سؤلهم، لأنه وقت غفلة واستغراق في النوم. واستلذاذ به، ومفارقة اللذة والدعة صعب لا سيما أهل الرفاهية، وفي زمن البرد، وكذا أهل التعب، ولا سيما في قصر الليل. فمن آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه مع ذلك دل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه تعالى. ورواة الحديث مدنيون إلا ابن مسلمة سكن البصرة، وفيه، التحديث والعنعنة، وأخرجه أيضًا في: التوحيد والدعوات، ومسلم في: الصلاة، وكذا أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة. 15 - باب مَنْ نَامَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَأَحْيَا آخِرَهُ وَقَالَ سَلْمَانُ لأَبِي الدَّرْدَاءِ -رضي الله عنهما-: نَمْ. فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ قَالَ: قُمْ. قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَدَقَ سَلْمَانُ». (باب من نام أوّل الليل وأحيا آخره) بالصلاة أو القراءة أو الذكر ونحوها. (وقال سلمان) الفارسي (لأبي الدرداء، رضي الله عنهما) وفي نسخة: وقاله سلمان، وضبب في اليونينية على الهاء، مما وصله المؤلّف في حديث طويل، في كتاب الأدب، عن جحيفة لما زاده، وأراد أن يقوم للتهجد. (نم) فنام (فلما كان من آخر الليل قال) سلمان له: (نَمْ) قال: فصلينا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فذكر له ذلك (قال النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (صدق سلمان) أي في جميع ما ذكر. .