1057 - حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، ح وحَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، - وَاللَّفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ، مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ "

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا». وبالسند إلى المؤلّف قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى) القطان البصري، وللأصيلي: يحيى بن سعيد (عن إسماعيل) بن أبي خالد الأحمسي الكوفي (قال: حدّثني) بالإفراد (قيس عن أبي مسعود) عقبة بن عامر الأنصاري البدري، رضي الله عنه، أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (الشمس والقمر لا ينكسفان) بالنون بعد المثناة التحتية ثم الكاف (لموت أحد ولا لحياته). لما كانت الجاهلية تعتقد أنهما ينخسفان لموت عظيم، والمنجمون يعتقدون تأثيرهما في العالم، وكثير من الكفرة يعتقد تعظيمهما لكونهما أعظم الأنوار حتى أفضى الحال إلى أن عبدهما كثير منهم، خصهما -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالذكر، تنبيهًا على سقوطهما عن هذه المرتبة، لما يعرض لهما من النقص، وذهاب ضوئهما الذي عظما في النفوس من أجله. وسقط للأربعة لفظ: ولا لحياته، وقد مر أنه من باب التتميم، وإلا فلم يدع أحد أن الكسوف لحياة أحد. (ولكنهما) أي: كسوفهما، (آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما) بالتثنية، ولأبي ذر: رأيتموها بالإفراد، أي: كسفة أحدهما (فصلوا). 1058 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَصَلَّى بِالنَّاسِ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ، وَهْيَ دُونَ قِرَاءَتِهِ الأُولَى، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ دُونَ رُكُوعِهِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَصَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُرِيهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلاَةِ". وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي (قال: حدّثنا هشام) هو: ابن يوسف الصنعاني (قال: أخبرنا معمر) بفتح اليمين وسكون العين المهملة بينهما، ابن راشد (عن) ابن شهاب (الزهري، وهشام بن عروة) بن الزبير، كلاهما (عن عروة) أبي هشام (عن عائشة رضي الله عنها، قالت): (كسفت الشمس) بفتح الكاف والسين (على عهد رسول الله) ولأبي ذر، والأصيلي: على عهد النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: زمنه (فقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فصلّى بالناس) صلاة الكسوف (فأطال القراءة، ثم ركع فأطال الركوع، ثم رفع رأسه) من الركوع قائمًا (فأطال القراءة، وهي) أي: القراءة وللكشميهني والمستملي: وهو، أي: القيام، أو المقروء (دون قراءته الأولى، ثم ركع) ثانيًا (فأطال الركوع) وهو (دون ركوعه الأول، ثم رفع رأسه) قائمًا (فسجد سجدتين، ثم قام فصنع في الركعة الثانية مثل ذلك) المذكور من الركوعين وطوّلهما وطول القراءة في القيامين، ثم انصرف من صلاته (ثم قام) خطيبًا (فقال) بعد الحمد والثناء: (إن الشمس والقمر لا يخسفان) بفتح أوله وسكون الخاء وكسر السين (لموت أحد) من الناس (ولا لحياته) فيجب تكذيب من زعم أن الكسوف علامة على موت أحد أو حياته (ولكنهما آيتان من آيات الله يريهما عباده) ليتفرغوا لعبادته ويتقربوا إليه بأنواع قرباته، ولذا قال: (فإذا رأيتم ذلك فافزعوا) بفتح الزاي، أي: فالجأوا (إلى الصلاة) وغيرها من الخيرات، كالصدقة، وفك الرقاب، لأنها تقي أليم العذاب. 14 - باب الذِّكْرِ فِي الْكُسُوفِ، رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- (باب الذكر في الكسوف، رواه) أي: الذكر عند كسوف الشمس (ابن عباس، رضي الله عنهما) عن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كما سبق في صلاة كسوف الشمس جماعة ولفظه "فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله". 1059 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: "خَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ وَقَالَ: هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ لاَ تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ". وبالسند قال: (حدّثنا محمد بن العلاء، قال: حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة، الكوفي (عن بريد) بضم الموحدة وفتح الراء (ابن عبد الله) بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري الكوفي (عن أبي بردة) الحرث بن أبي موسى (عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (قال): (خسفت الشمس) بفتح الخاء والسين (فقام النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فرغًا) بكسر الزاي: صفة مشبهة، أو بفتحها: مصدر بمعنى الصفة، أو: مفعول لمقدر (يخشى) أي: يخاف (أن تكون) في موضع نصب مفعول يخشى (الساعة) رفع: على أن تكون تامة، أو: على أنها ناقصة والخبر محذوف، أي: أن تكون الساعة قد حضرت، أو: نصب: على أنها ناقصة واسمها محذوف، أي: تكون هذه الآية الساعة، أي: علامة حضورها. واستشكل هذا بكون الساعة لها مقدمات كثيرة لم تكن وقعت: كفتح البلاد، واستخلاف الخلفاء، وخروج الخوارج، ثم الأشراط: كطلوع الشمس من مغربها،والدابة، والدجال، والدخان، وغير ذلك .... وأجيب: باحتمال أن يكون هذا قبل أن يعلمه الله تعالى بهذه العلامات، فهو يتوقع الساعة كل لحظة. وعورض: بأن قصة الكسوف متأخرة جدًّا، فقد تقدم أن موت إبراهيم كان في العاشرة، كما اتفق عليه أهل الأخبار، وقد أخبر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكثير من الأشراط والحوادث قبل ذلك. وقيل هو من باب التمثيل من الراوي، كأنه قال: فزغًا كالخاشي أن تكون القيامة وإلا فهو -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عالم بأن الساعة لا تقوم وهو بين أظهرهم أو أن الراوي ظن أن الخشية لذلك لقرينة قامت عنده، لكن لا يلزم من ظنه أن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خشي ذلك حقيقة، قال في المظهر: لم يعلم أبو موسى ما في قلبه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. اهـ. وأجيب: بأن تحسين الظن بالصحابي يقتضي أنه لا يجزم بذلك إلا بتوقيف. وقيل إنه، عليه الصلاة والسلام، جعل ما سيقع كالواقع إظهارًا لتعظيم شأن الكسوف، وتنبيهًا لأمته أنه إذا وقع لهم ذلك كيف يخشون ويفزعون إلى ذكر الله، والصلاة، والصدقة ليدفع عنهم البلايا. (فأتى المسجد، فصلّى بأطول قيام وركوع وسجود رأيته قط يفعله) بدون كلمة: ما، وقط، بفتح القاف وضم الطاء، لكن لا يقع، قط، إلا بعد الماضي المنفي، فحرف النفي هنا مقدر كقوله تعالى: {تَفْتَؤ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف: 85] أي: لا تفتؤ، ولا تزال تذكره تفجعًا، فحذف: لا، أو أن لفظ أطول، فيه معنى عدم المساواة، أي: بما لم يساو قط قيامًا رأيته يفعله، أو: قط، بمعنى حسب أي: صلّى في ذلك اليوم فحسب بأطول قيام رأيته يفعله، وتكون بمعنى: أبدًا لكن إذا كانت بمعنى: حسب، تكون القاف مفتوحة والطاء ساكنة. قال في المصابيح: وموضع: رأيته، جر على الصفة، أما للمعطوف الأخير، وهو: سجود، وإما للمعطوف عليه أولاً، وهو قيام. وحذف رأيته من الأول الذي هو القيام لدلالة الثاني، أو بالعكس، قال: وإنما قلنا ذلك لأنه ليس في هذه الجملة ضمير غيبة إلا ما هو للواحد الذكر. وقد تقدمت ثلاثة أشياء، فلا تصلح من حيث هي ثلاثة أن تكون معادًا له. وضمير الغيبة في: رأيته، يحتمل عوده على النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كما أن فاعل: يفعله، يعود الضمير عليه، ويحتمل أن يعود على ما عاد عليه المنصوب من: يفعله. فإن قلت لِمَ لم تجعل الجملة صفة لأطول قيام وركوع وسجود، وأطول مفرد مذكر يصح عود الضمير المذكر عليه، ولا حاجة إلى الحذف؟ إذن قلت: لأنه يلزم أن يكون المعنى: أنه فعل في قيام الصلاة لكسوف الشمس وركوعها وسجودها مثل أطول شيء كان يفعله في ذلك في غيرها من الصلوات، ولم يفعل طولاً زائدًا على ما عهد منه في سواها، وليس كذلك، اللهم إلا أن يكون صلّى قبل هذه المرة لكسوف آخر، فيصدق حينئذ أنه فعل مثل أطول شيء كان يفعله لكنه يحتاج إلى ثبت فحرره. اهـ. قلت: في أوائل الثقات لابن حبان: إن الشمس كسفت في السنة السادسة، فصلّى عليه الصلاة والسلام صلاة الكسوف، وقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ... " الحديث. ثم كسفت في السنة العاشرة، يوم مات ابنه إبراهيم، (وقال) عليه الصلاة والسلام: (هذه الآيات) أي: كسوف النيرين، والزلزلة، وهبوب الريح الشديدة (التي يرسل الله، لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن يخوف الله به) أي: بالكسوف، وللأربعة: بهما، أي: بالكسفة أو الآيات (عباده) قال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} [الإسراء: 59] (فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فافزعوا إلى ذكره) بفتح زاي: افزعوا، وللحموي والمستملي: إلى ذكر الله. وهذا موضع الترجمة كما لا يخفى (ودعائه واستغفاره). 15 - باب الدُّعَاءِ فِي الْخُسُوفِ قَالَهُ أَبُو مُوسَى وَعَائِشَةُ -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (باب الدعاء في الخسوف) كذا بالخاء، وعزاه الحافظ ابن حجر لكريمة وأبي الوقت، وفي الفرع وأصله عن أبي ذر والأصيلي في الكسوف وبالكاف. (قاله) أي الدعاء فيه (أبو موسى) الأشعري، في حديثه السابق قريبًا (وعائشة) في حديثها الآتي، إن شاء الله تعالى في الباب الآتي (رضي الله عنهما، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-). .