1050 - حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ إِلَى قُرَّاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ثَلَاثُمِائَةِ رَجُلٍ قَدْ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، فَقَالَ: أَنْتُمْ خِيَارُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَقُرَّاؤُهُمْ، فَاتْلُوهُ، وَلَا يَطُولَنَّ عَلَيْكُمُ الْأَمَدُ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُمْ، كَمَا قَسَتْ قُلُوبُ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً، كُنَّا نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ وَالشِّدَّةِ بِبَرَاءَةَ، فَأُنْسِيتُهَا، غَيْرَ أَنِّي قَدْ حَفِظْتُ مِنْهَا: لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ، لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا، وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا التُّرَابُ، وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً، كُنَّا نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ، فَأُنْسِيتُهَا، غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ، فَتُكْتَبُ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ، فَتُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ "
"ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا فَخَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَرَجَعَ ضُحًى. فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ ظَهْرَانَىِ الْحُجَرِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، وَقَامَ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ، ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ، وَانْصَرَفَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ". (ثم ركب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذات غداة مركبًا) بفتح الكاف، وذات غداة هو من إضافة المسمى إلى اسمه، أو: ذات، زائدة (فخسفت الشمس) بالخاء والسين المفتوحتين (فرجع ضحى) بضم الضاد المعجمة مقصورًا منوّنًا ارتفاع النهار، ولا دلالة فيه على أنها لا تفعل في وقت الكراهة، لأن صلاته لها في الضحى وقع اتفاقًا فلا يدل على منع ما سواه (فمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين ظهراني الحجر) بفتح الظاء المعجمة والنون على التثنية، والحجر بضم الحاء المهملة وفتح الجيم، جمع: حجرة بسكون الجيم. والألف والنون زائدتان، أي: ظهر الحجر، أو الكلمة كلها زائدة (ثم قام يصلّي) صلاة الكسوف (وقام الناس وراءه) يصلون (فقام قيامًا طويلاً) قرأ فيه نحو سورة البقرة (ثم ركع ركوعًا طويلاً) نحو مائة آية (ثم رفع) من الركوع (فقام قيامًا طويلاً) نحو آل عمران، ولأبي ذر، في نسخة، والأصيلي: ثم قام قيامًا. وسقط في رواية ابن عساكر: ثم رفع (وهو) أي: القيام (دون القيام) وفي نسخة: دون قيام (الأوّل، ثم ركع) ثانيًا (ركوعًا طويلاً) نحو ثمانين آية (وهو دون الركوع الأوّل، ثم رفع) منه (فسجد) بفاء التعقيب، وهو يدل على عدم إطالة الاعتدال بعد الركوع الثاني، وتقدم (ثم قام) من سجوده، ولأبي ذر: ثم رفع (فقام قيامًا طويلاً) نحو سورة النساء (وهو دون القيام الأوّل، ثم رجع) ثالثًا (ركوعًا طويلاً) نحو سبعين آية، (وهو دون الركوع الأوّل، ثم رفع فسجد) ظاهره: أن الثانية لم يقم فيها قيامين، ولا ركع ركوعين. والظاهر أن الراوي اختصره. نعم، في فرع اليونينية، كهي، مما رقم عليه علامة السقوط. (ثم قام) أي من الركوع، ولأبي ذر ثم رفع فقام قيامًا طويلاً نحوًا من المائدة (وهو دون القيام الأوّل). اختلف هل المراد به الأوّل من الثانية، أو يركع إلى الجميع فيكون كل قيام دون الذي قبله؟ ومن ثم اختلف في القيام الأوّل من الثانية، وركوعه. ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في: باب الركعة الأولى في الكسوف أطول. (ثم ركع) رابعًا (ركوعًا طويلاً) نحو خمسين آية (وهو دون الركوع الأوّل، ثم رفع فسجد) بفاء التعقيب أيضًا. (وانصرف) من صلاته بعد التشهد بالسلام (فقال) عليه الصلاة والسلام (ما شاء الله أن يقول) مما ذكر في حديث عروة، من أمره لهم بالصلاة والصدقة والذكر، وغير ذلك (ثم أمرهم أن يتعوّذوا من عذاب القبر) وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى. وفي الحديث: أن اليهودية كانت عارفة بعذاب القبر، ولعله من كونه فى التوراة، أو شيء من كتبهم؟ وإن عذاب القبر حق يجب الإيمان به. وقد دل القرآن في مواضع على أنه حق، فخرّج ابن حبان في صحيحه، من حديث أبي هريرة، عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قوله {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124] قال: عذاب القبر. وفي الترمذي، عن علي: قال ما زلنا في شك من عذاب القبر حتى نزلت {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: 1 - 2]. وقال قتادة والربيع بن أنس في قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة: 101] أن أحدهما في الدنيا والآخر عذاب القبر. وحديث الباب أخرجه المؤلّف أيضًا في الجنائز، وكذا مسلم والنسائي. 8 - باب طُولِ السُّجُودِ فِي الْكُسُوفِ (باب طول السجود في) صلاة (الكسوف) أراد به الرد على من نفى تطويله. 1051 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ: "لَمَّا كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نُودِيَ: إِنَّ الصَّلاَةَ جَامِعَةٌ. فَرَكَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ. قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها-: مَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا". وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا شيبان) بفتح المعجمة والموحدة بينهما مثناة تحتية ساكنةآخره نون، ابن عبد الرحمن التميمي البصري، سكن الكوفة (عن يحيى) بن أبي كثير اليمامي (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن عبد الله بن عمرو) وهو ابن العاص، وللكشميهني: عمر، بضم العين أي ابن الخطاب، قال الحافظ ابن حجر: وهو وهم (أنه قال): (لما كسفت الشمس) بالكاف المفتوحة (على عهد رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي زمنه (نودي) بضم النون مبنيًّا للمفعول: (إن الصلاة جامعة) بالرفع، خبر إن، والصلاة اسمها، ولأبي الوقت: أن الصلاة، بفتح الهمزة وتخفيف النون، ورفع الصلاة وجامعة. وقد مر مزيد لذلك قريبًا (فركع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ركعتين في سجدة) أي في ركعة، وقد يعبر بالسجود عن الركعة من باب إطلاق الجزء على الكل (ثم قام) من السجود (فركع ركعتين في سجدة) أي: في ركعة كذلك (ثم جلس، ثم جلي عن الشمس) بضم الجيم وتشديد اللام المكسورة مبنيًا للمفعول، من التجلية أي: كشف عنها بين جلوسه في التشهد والسلام، ولأبي ذر في نسخة: ثم جلس حتى جلي، أي: إلى أن جلي عنها. (قال) أبو سلمة، أو: عبد الله بن عمرو: (وقالت عائشة رضي الله عنها: ما سجدت سجودًا قط كان أطول منها) عبرت بالسجود عن الصلاة كلها. كأنها قالت: ما صليت صلاة قط أطول منها، غير أنها أعادت الضمير المستكن في كان على السجود اعتبارًا بلفظه، وهو مذكر، وأعادت ضمير منها عليه اعتبارًا بمعناه إذ هو مؤنث، أو يكون قولها: منها، على حذف مضاف، أي: من سجودها. قاله في المصابيح. ولا يقال هذا لا يدل على تطويل السجود لاحتمال أن يراد بالسجدة الركعة، كما مر، لأن الأصل الحقيقة، وإنما حملنا لفظ السجدة فيما مر أوّلاً على الركعة للقرينة الصارفة عن إرادة الحقيقة، إذ لا يتصوّر ركعتان في سجدة وهاهنا لا ضرورة في الصرف عنها، قاله الكرماني. واختلف في استحباب إطالة السجود في الكسوف، وصحح الرافعي عدم إطالته كسائر الصلوات، وعليه جمهور أصحاب الشافعي. وصحح النووي التطويل، وقال: إنه المختار. بل الصواب؛ وعليه المحققون من أصحابنا للأحاديث الصحيحة الصريحة، وقد نص عليه الشافعي في مواضع قال: وعليه فالمختار ما قاله البغوي: إن السجدة الأولى كالركوع الأوّل، والثانية كالثاني. وهو مشهور مذهب المالكية. 9 - باب صَلاَةِ الْكُسُوفِ جَمَاعَةً وَصَلَّى ابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ فِي صُفَّةِ زَمْزَمَ. وَجَمَعَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ. وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ. (باب) مشروعية (صلاة الكسوف جماعة). (وصلّى ابن عباس) رضي الله عنهما (بهم) بالقوم، ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي: وصلّى لهم ابن عباس (في صفة زمزم) وصله الإمام الأعظم الشافعي، وسعيد بن منصور، بلفظ: كسفت الشمس، فصلّى ابن عباس في صفة زمزم ست ركعات في أربع سجدات. (وجمع) بتشديد الميم، وفي اليونينية؛ بالتخفيف (علي بن عبد الله بن عباس) التابعي، المدعوّ بالسجاد، لأنه كان يسجد كل يوم ألف سجدة، وهو جد الخلفاء العباسيين. ولد ليلة قتل علي بن أبي طالب، فسمي باسمه، أي: جمع الناس لصلاة الكسوف. (وصلى ابن عمر) بن الخطاب صلاة الكسوف بالناس، وهذا وصله ابن أبي شيبة بمعناه، ومراد المؤلّف بذلك كله الاستشهاد على مشروعية الجماعة في صلاة الكسوف. .