1035 - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نُصِرْتُ بِالصَّبَا، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ». [الحديث أطرافه في: 3205، 3343، 4105]. وبه قال: (حدّثنا مسلم) هو: ابن إبراهيم (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الحكم) بفتحتين، هو: ابن عتيبة (عن مجاهد) هو: ابن جبر المفسر (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:). (نصرت بالصبا) الريح التي تجيء من قبل ظهرك إذا استقبلت القبلة وأنت بمصر، ويقال لها: القبول، بفتح القاف، لأنها تقابل باب الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس. وقال ابن الأعرابي: مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش. وفي التفسير: أنها التي حملت ريح يوسف إلى يعقوب قبل البشير إليه. فإليها يستريح كل محزون. ونُصْرَته عليه الصلاة والسلام بالصبا كانت يوم الأحزاب، وكانوا زهاء اثني عشر ألفًا حين حاصروا المدينة، فأرسل الله عليهم ريح الصبا باردة، في ليلة شاتية، فسفت التراب في وجوههم، وأطفأت نيرانهم، وقلعت خيامهم، فانهزموا من غير قتال. ومع ذلك فلم يهلك منهم أحد، ولم يستأصلهم، لما علم الله من رأفة نبيه عليه الصلاة والسلام بقومه رجاء أن يسلموا. (وأهلكت) بضم الهمزة وكسر اللام (عاد) قوم هود (بالدبور) بفتح الدال، التي تجيء من قبل وجهك إذا استقبلت القبلة أيضًا، فهي تأتي من دبرها. وقال ابن الأعرابي: الدبور من مسقط النسر الطائر إلى سهيل، وهي الريح العقيم، وسميت عقيمًا لأنها أهلكتهم، وقطعت دابرهم. وروى شهر بن حوشب، مما ذكره السمرقندي، عن ابن عباس، قال: ما أنزل الله قطرة من ماء إلا بمثقال، ولا أنزل سفوة من ريح إلا بمكيال، إلا قوم نوح وقوم عاد، فأما قوم نوح طغى على خزانه الماء، فلم يكن لهم عليه سبيل، وعتت الريح يوم عاد على خزانها، فلم يكن لهم عليها سبيل. وقال غيره: كانت تقلع الشجر، وتهدم البيوت، وترفع الظعينة بين السماء والأرض، حتى ترى كأنها جرادة، وترميهم بالحجارة فتدق أعناقهم. وعن ابن عباس: دخلوا البيوت وأغلقوها، فجاءت الريح ففتحت الأبواب وسفت عليهم الرمل، فبقوا تحته سبع ليال وثمانية أيام، فكان يسمع أنينهم تحت الرمل. وبقية مباحث الحديث تأتي، إن شاء الله تعالى، في بدء الخلق. واستنبط منه ابن بطال تفضيل المخلوقات بعضها على بعض من جهة إضافة النصر للصبا، والإهلاك للدبور. وتعقب بأن كل واحدة منهما أهلكت أعداء الله، ونصرت أنبياءه وأولياءه. اهـ. وأما الريح التي مهبها من جهة يمين القبلة: فالجنوب، والتي من جهة شمالها: الشمال. ولكل من الأربعة طبع: فالصبا: حارة يابسة؟ والدبور: باردة رطبة، والجنوب: حارة رطبة والشمال: باردة يابسة، وهي ريح الجنة التي تهب عليهم، رواه مسلم. 27 - باب مَا قِيلَ فِي الزَّلاَزِلِ وَالآيَاتِ (باب ما قيل في الزلازل والآيات). 1036 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ -وَهْوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ- حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ الْمَالُ فَيَفِيضُ". وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (قال: أخبرنا) ولأبوي ذر والوقت، وابن عساكر: حدّثنا (أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج عن أبي هريرة) رضي الله عنه (قال: قال النبي): (لا تقوم الساعة) أي: القيامة(حتى يقبض العلم) بموت العلماء وكثرة الجهلاء (وتكثر الزلازل) جمع، زلزلة، وهي حركة الأرض واضطرابها، حتى ربما يسقط البناء القائم عليها (ويتقارب الزمان). فتكون كما في الترمذي، من حديث أنس مرفوعًا: السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، والساعة كالضرمة بالنار. أي: كزمان اتقاد الضرمة. وهي ما توقد به النار أولاً: كالقضب والكبريت، أو يحمل ذلك: على قلة بركة الزمان، وذهاب فائدته، أو: على أن الناس، لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد، وشغل قلوبهم بالفتن العظام، لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم. فإن قلت: العرب تستعمل قصر الأيام والليالي في المسرات، وطولها في المكاره. أجيب: بأن المعنى الذي يذهبون إليه في القصر والطول، مفارق للمعنى الذي ذهب إليه هنا، فإن ذلك راجع إلى تمني الإطالة للرخاء، أو إلى تمني القصر للشدة. والذي ذهب إليه ثم راجع إلى زوال الإحساس بما يمر عليهم من الزمان، لشدة ما هم فيه، وذلك أيضًا صحيح. نعم، حمله الخطابي على زمان المهدي، لوقوع الأمن في الأرض، فيُستَلذّ العيش عند ذلك، لانبساط عدله، فتستقصر مدته، لأنهم يستقصرون مدة أيام الرخاء، وإن طالت. ويستطيلون أيام الشدة، وإن قصرت. وتعقبه الكرماني: بأنه لا يناسب أخواته من ظهور الفتن، وكثرة الهرج، وغيرهما، قال في الفتح: وإنما احتاج الخطابي إلى تأويله بما ذكر لأنه لم يقع نقص في زمانه، وإلا فالذي تضمنه الحديث قد وجد في زماننا هذا، فإنا نجد من سرعة مر الأيام ما لم نكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا، وإن لم يكن هناك عيش مستلذ. والحق أن المراد نزع البركة من كل شيء حتى من الزمان، وذلك من علامة قرب الساعة. وحمله بعضهم على تقارب الليل والنهار في عدم ازدياد الساعات، وانتقاصها. بأن يتساويا: طولاً وقصرًا. قال أهل الهيئة: تنطبق دائرة منطقة البروج على دائرة معدل النهار، فحينئذٍ يلزم تساويهما ضرورة. (وتظهر الفتن) أي: تكثر وتُشْتَهَر (ويكثر الهرج) بفتح الهاء وإسكان الراء وبالجيم (-وهو القتل القتل-) مرتين، وهو صريح في أن تفسير الهرج مرفوع، ولا يعارض ذلك بمجيئه في رواية أخرى موقوفًا. وقد سبق الحديث في: كتاب العلم، من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، سمعت أبا هريرة في آخرة قيل يا رسول الله! وما الهرج؟ فقال: هكذا، بيده، فحرفها كأنه يريد القتل، فيجمع بأنه جمع بين الإشارة والنطق، فحفص بعض الرواة ما لم يحفظ بعض. (حتى يكثر فيكم المال) لقلة الرجال، وقلة الرغبات، وقصر الآمال للعلم بقرب الساعة (فيفيض) بفتح حرف المضارعة وبالفاء والضاد المعجمة والرفع، خبر مبتدأ محذوف، أي: هو يفيض، ولأبي ذر: فيفيض، بالنصب عطفًا على: يكثر، وهو غاية، لكثرة الهرج، أو: معطوف على: ويكثر، بإسقاط العاطف. كالتحيات المباركات، أي: والمباركات. ويفيض استعارة من: فيض الماء لكثرته، كقوله: شكوت وما الشكوى لمثلي عادة ... ولكن تفيض الكأس عند امتلائها يقال: فاض الماء يفيض إذا كثر حتى سال على ضفة الوادي، أي: جانبه، وأفاض الرجل إناءه، أي: ملأه حتى فاض. والمعنى: يفيض المال حتى يكثر، فيفضل منه بأيدي مالكيه ما لا حاجة لهم به. وقيل: بل ينتشر في الناس ويعمهم. .