1017 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ -[705]-: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ، بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء: 1] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1] وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: {اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ} [الحشر: 18] «تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ - وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِي، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمُطِرُوا مِنْ جُمُعَةٍ إِلَى جُمُعَةٍ. فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللَّهُمَّ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ وَالإكَامِ. وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ. فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ". وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام، خال إسماعيل المذكور (عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (قال): (جاء رجل إلى رسول الله) ولأبي ذر والأصيلي: إلى النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله! هلكت المواشي) بسبب قحوط المطر، (وانقطعت السبل) بالنون بعد ألف الوصل، ولأبي ذر: انقطعت السبل، وهلكت المواشي، ولابن عساكر: وتقطعت السبل، بالمثناة وتشديد الطاء (فادع الله) لنا يغيثنا. (فدعا رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فمطروا من جمعة إلى جمعة؛ فجاء رجل إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله! تهدمت البيوت، وتقطعت السبل) بالمثناة وتشديد الطاء، وفي رواية حميد عن ابن خزيمة: واحتبس الركبان (وهلكت المواشي) من كثرة المطر، فادع الله أن يصرفه عنا (فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (اللهم) أنزله (على رؤوس الجبال و) على (الآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر). (فانجابت) أي: السحب الممطرة (عن المدينة) المقدسة (انجياب الثوب). وأصل الجوبة، من: جاب: إذا قطع، ومنه قوله تعالى: {وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} [الفجر: 9]. وموضع الترجمة قوله: يا رسول الله تهدمت البيوت ... الخ، أي: من كثرة المطر. 11 - باب مَا قِيلَ إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يُحَوِّلْ رِدَاءَهُ فِي الاِسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ (باب ما قيل وإن النبي،-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لم يحوّل رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة) قيده بالجمعة ليبين أن تحويل الرداء في الباب السابق أوّل كتاب الاستسقاء خاص بالمصلي. 1018 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَلاَكَ الْمَالِ وَجَهْدَ الْعِيَالِ، فَدَعَا اللَّهَ يَسْتَسْقِي. وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَلاَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ". وبالسند قال: (حدّثنا الحسن بن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، البجلي الكوفي (قال: حدّثنا معافى) بضم الميم وفتح العين المهملة والفاء (ابن عمران) الموصلي، ياقوتة العلماء (عن الأوزاعي) عبد الرحمن (عن إسحاق بن عبد الله) ولأبي ذر زيادة، ابن أبي طلحة (عن) عمه (أنس بن مالك) رضي الله عنه: (أن رجلاً شكا إلى النبي،-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، هلاك المال)، الماشية لا الصامت من فقد الكلأ بسبب قحوط المطر، (وجهد العيال) بفتح الجيم، أي مشقتهم بسبب ذلك. (فدعا الله) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حال كونه (يستسقي) لهم، (ولم يذكر) أي: أنس أو غيره، ممن دونه، ولهذا التردد عبر المصنف في الترجمة بقوله: باب ما قيل: (أنه) عليه الصلاة والسلام (حول رداءه، ولا استقبل القبلة) أي: في استسقائه يوم الجمعة. وتعقب الإسماعيلي المؤلّف، فقال: لا أعلم أحدًا ذكر في حديث أنس تحويل الرداء. وإذا قال المحدث: لم يذكر أنه حول، لم يجز أن يقال: إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يحوّل، لأن عدم ذكر الشيء لا يوجب عدم ذلك الشيء، فكيف يقول البخاري لم يحول؟ اهـ. وتمسك بهذا الحديث أبو حنيفة فقال: لا صلاة ولا تحويل في الاستسقاء، ولعله لم تبلغه الأحاديث المصرحة بذلك. وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا في: الاستسقاء والاستئذان، ومسلم في: الصلاة، وكذا النسائي، والله أعلم. 12 - باب إِذَا اسْتَشْفَعُوا إِلَى الإِمَامِ لِيَسْتَسْقِيَ لَهُمْ لَمْ يَرُدُّهُمْ هذا (باب) بالتنوين (إذا استشفعوا) أي: الناس (إلى الإمام) عند الحاجة إلى المطر (ليستسقي لهم) أي: لأجلهم (لم يردهم)، بل عليه أن يجيب سؤالهم فيستسقي لهم، وإن كان ممن يرى تفويض الأمر إلى الله تعالى. 1019 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِي، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللَّهَ. فَدَعَا اللَّهَ فَمُطِرْنَا مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الْجُمُعَةِ. فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، وَتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وَهَلَكَتِ الْمَوَاشِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللَّهُمَّ عَلَى ظُهُورِ الْجِبَالِ وَالإكَامِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ. فَانْجَابَتْ عَنِ الْمَدِينَةِ انْجِيَابَ الثَّوْبِ". وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف): التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام الأعظم، (عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (أنه قال:). (جاء رجل) هو: كعب بن مرة وقيل غيره (إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله، هلكت المواشي وتقطعت السبل) بالمثناة الفوقية وتشديد الطاء، من: تقطعت. والسبل، بضمتين جمع سبيل، وهو الطريق يذكر ويؤنث. قال تعالى: {وأن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً} وقال {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي} [يوسف: 108] وانقطاعها، إما بعدم المياه التي يعتاد المسافرون ورودها، وإما باشتغال الناس وشدة القحط عن الضرب في الأرض. (فادع الله) لنا (فدعا الله، فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة) الأخرى (فجاء رجل)هو الأول (إلى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: يا رسول الله! تهدمت البيوت) من كثرة المطر (وتقطعت السبل) بالمثناة الفوقية وتشديد الطاء أي: تعذر سلوكها (وهلكت المواشى) فادع الله يمسكها (فقال رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-): (اللهم) أي: يا الله انزل المطر (على ظهور الجبال والاكام) بكسر الهمزة جمع: أكمة، بفتحها: ما غلظ من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلاً وكان أكبر ارتفاعًا مما حوله. ويروى: الآكام بفتح الهمزة ومدها، والاكم بضم الهمزة والكاف. جمع: إكام ككتاب وكتب (وبطون الأودية، ومنابت الشجر) جمع منبت بكسر الموحدة، أي: ما حولها مما يصلح أن ينبت فيه، لأن نفس النبت لا يقع عليه المطر. (فانجابت) أي: السحب الممطرة (عن المدينة انجياب الثوب). فإن قلت: تقدم باب: سؤال الناس الإمام إذا قحطوا، فما الفرق بينه وبين هذا الباب؟. أجاب الزين بن المنير: بأن الأولى لبيان ما على الناس أن يفعلوه إذا احتاجوا للاستسقاء. والثانية: لبيان ما على الإمام من إجابة سؤالهم. وأجاب ابن المنير أيضًا عن السر في كونه عليه الصلاة والسلام لم يبدأ بالاستسقاء حتى سألوه، مع أنه عليه الصلاة والسلام، أشفق عليهم منهم، وأولى بهم من أنفسهم، بأن مقامه عليه الصلاة والسلام التوكل والصبر على البأساء والضراء، ولذلك كان أصحابه الخواص يقتدون به، وهذا المقام لا يصل إليه العامة وأهل البوادي، ولهذا، والله أعلم، كان السائل في الاستسقاء بدويًّا، فلما سألوه أجاب رعاية لهم وإقامة لسنة هذه العبادة فيمن بعده من أهل الأزمنة التي يغلب على أهلها الجزع، وقلة الصبر على اللأواء، فيؤخذ منه أن الأفضل للأئمة الاستسقاء، ولن ينفرد بنفسه، بصحراء أو سفينة، الصبر والتسليم للقضاء، لأنه عليه الصلاة والسلام قبل السؤال فوّض ولم يستسق. 13 - باب إِذَا اسْتَشْفَعَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْقَحْطِ هذا (باب) بالتنوين (إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط). .